ودخلا إلى دمشق فى ثالث ذى القعدة. فلما خرج اليهما ليتلقاهما ووصل إلى الأمير عز الدين الدمياطى أهوى ليكارشه على ما جرت العادة به فى السلام، فقبض الدمياطى بيده على عضد طيبرس وبيده الأخرى على سيفه، وأنزل عن فرسه وركبوه بغلا، وقيد وأرسل إلى السلطان ووقعت الحوطة على أمواله وحواصله بدمشق، وكان قد سير جملة منها مع العرب، وكان طيبرس قد أساء السيرة فى أهل دمشق، وضيق عليهم، وتسلم الأمير علاء الدين الركنى دمشق ينظر فيها إلى حين حضور نائب مستقل.
ومن عجيب ما وقع فى القبض عليه ما حكاه شمس الدين الجزرى فى تاريخه عن الرشيد فرج الله كاتب البيرتات بدمشق، قال: لما وصل الأمراء الذين قبضوا على طيبرس إلى الكسوة طلبنى وقال: جهز سماطا جيدا لهؤلاء الأمراء، وأحضره أنت بنفسك واحترز عليه، فأنا لا أحضره. قلت: لأى سبب يتأخر مولانا عنه؟ فأسر إلى وقال: إن هؤلاء جاءوا ليقبضوا على قبل دخولهم إلى دمشق.
فقلت: يكفيك الله، وبكيت. فقال: هذا أمر لا بد منه، فأبصر أنت كيف تكون. فخرجت من عنده، وجهزت السماط كما رسم، وكان من قبض ما تقدم قال الرشيد: فدخلت يوما على الأمير علاء الدين الركنى وهو يحكم بدمشق، فسألنى عن أشياء تتعلق بالديوان والسماط إلى أن ذكر الأمير علاء الدين طيبرس الوزيرى وأثنى عليه خيرا، فوجدت مجالا للكلام، فذكرت له هذه الحكاية.
فقال لى: أنا أحكى لك أعجب من هذا: بينا أنا فى دارى بالقاهرة فى وقت القابلة وإذا برسل السلطان تستدعينى إليه، فما شككت حين طلبنى فى غير الوقت المعتاد أنه يقبض على. فأوصيت استادارى بما يعتمده، وودعت أهلى، وركبت إلى القلعة، فوافيت الأمير عز الدين الدمياطى وقد طلب كما طلبت، فتحققنا