للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها فى تاسع عشر شهر ربيع الأول قطع السلطان أيدى جماعة من نواب متولى القاهرة والخفراء وأصحاب الأرباع والمقدمين، وكانوا ثلاثة وأربعين رجلا «١» ، وكان سبب ذلك على ما حكاه الصاحب عز الدين بن شداد، ظهور شلوح ومناسر بالقاهرة وضواحيها ينهبون ويقتلون حتى تعرضوا للعربان الذين تحت القلعة، فارتفعت أصواتهم حتى سمعها السلطان وسأل عن خبرهم فأخبر بصورة الحال، فلما أصبح أتته ورقة الصباح وليس فيها ذكر هذه الحادثه، فأنكر على متولى القاهرة، فاعتذر أن نوابه لم يطالعوه بها، فأمر السلطان بقطع أيديهم فمات بعضهم وسلم البعض.

وحكى غيره، عن الأمير عز الدين أيدمر الظاهرى، أن السلطان خرج ليلة متنكرا وجعل يطوف أزقة القاهرة، وكان يفعل ذلك ويتفقد أمور الناس وأحوالهم ويسمع من ألفاظهم ما لا ينقل إليه، فمر فى بعض أزقة المدينة فوجد بعض مقدمى «٢» الوالى قد أمسك امرأة وهو يتهددها، وهى تقول له: اتق الله، والله ما أفعل هذا [إلا «٣» ] من حاجة وأنت تعلم أن عندى خمسة أيتام. فقال:

أنا ما أعرف هذا، ولا بد أفعل وأصنع. فقالت له تقدم عنى ناحية. وخلعت لباسها وناولته إياه، وقالت: والله ما أمسك سواه فأخذه وأطلقها. فعرفه السلطان ثم لم تكن له همة إلا أن جمعهم وقطع أيديهم، وشاهد فيمن قطع، ذلك المقدم بعينه.