وساقوا إلى جهة مصر، فوصلوا إلى القصير «١» المعينى نصف الليل، فدخل السلطان ليأخذ فرس الوالى، فقام إليه يهاوشه بأربعين خمسين راجلا، وقال له:
«هذه الضيعة ملك السلطان ما يقدر أحد يأخذ منها فرسا، فإن رحتم وإلا قاتلناكم» .
فتركوه وتوجهوا إلى بيسان فأتوا دار الوالى وقالوا:«نريد خيلا للبريد» .
فقال:«انزلوا خذوا» ، فنزلوا، وقعد السلطان عند رجلى الوالى وهو نايم.
ثم قال للأيدمرى «الخلائق على بابى وأنا على باب هذا الوالى لا يلتفت إلى، ولكن الدنيا نوب» . وطلب من الوالى كوزا فقال:«ما عندنا كوز، إن كنت عطشان اخرج واشرب» فأحضر له الأيدمرى كوزا شرب منه. وركبوا فصابحوا جينين، فوجدوا خيل البريد بها عرجا معقرة، فركب السلطان منها فرسا ما كاد يثبت عليه من رائحة عقوره. ولما وصلوا العريش قام السلطان والأمير سيف الدين جرمك ونقيا الشعير. فقال السلطان للأيدمرى:«أين السلطنة، واستاد الدار، وأمير جاندار، وأين الخلق الوقوف فى الخدمة؟ هكذا تخرج الملوك من ملكهم، وما يدوم إلا الله سبحانه وتعالى» .
ووصلوا إلى قلعة الجبل ليلة الثلاثاء الثلث الأول، فأوقفهم الحراس حتى شاوروا الوالى. ونزل السلطان فى باب الأسطبل وطلب أمير آخور، وكان قد رتب مع زمام «٢» الأدر أنه لا يبيت إلا خلف باب السر، فدق السلطان باب السر، وذكر علايم لزمام الأدر، ففتح الباب، وأحضر السلطان رفقته إلى باب السر، وأقام هو وهم يومى الثلاثاء والأربعاء وليلة الخميس لا يعلم بهم أحد إلا زمام الأدر،