للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميلا، فانزل ولك الذّمام والحباء فنزل فلما اطمأنّ وسكن، واستمكنوا منه غدروا به فقتلوه، ففى ذلك تقول عمرة ابنته

غدرتم بمن لو كان ساعة غدركم ... بكفّيه مفتوق الغرارين قاضب

أذادكم عنه بضرب كأنّه ... سهام المنايا كلّهن صوائب

وتلاحى بنو مقرون بن عمرو بن محارب، وبنو جهم بن مرّة بن محارب، على ماء لهم فغلبتهم بنو مقرون فظهرت عليهم، وكان في بنى جهم شيخ له تجربة وسنّ، فلما رأى ظهورهم، قال: يا بنى مقرون، نحن بنو أب واحد، فلم نتفانى؟ هلمّوا إلى الصلح، ولكم عهد الله تعالى وميثاقه وذمّة آبائنا، أن لا نهيجكم أبدا ولا نزاحمكم فى هذا الماء، فأجابتهم بنو مقرون إلى ذلك، فلما اطمأنوا ووضعوا السلاح عدا عليهم بنو جهم فنالوا منهم منالا عظيما، وقتلوا جماعة من أشرافهم، ففى ذلك يقول أبو ظفر الحارثىّ

هلّا غدرتم بمقرون وأسرته ... والبيض مصلته والحرب تستعر

لما اطمأنوا وشاموا في سيوقهم ... ثرتم إليهم وعرّ الغدر مشتهر

غدرتموهم بأيمان مؤكدة ... والورد من بعده للغادر الصّدر

هذا ما قيل في الغدر.

وأما الخيانة، فقد نهى الله تعالى عنها فقال: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) .

وروى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له» .

وقيل: من ضيّع الأمانة، ورضى بالخيانة، فقد برىء من الدّيانة.