والجاه ونفوذ الكلمة، [بلغ] مالم يبلغه أحد من أمثاله. وكانت كتبه تنفذ عند سائر الملوك، حتى عند ملوك الفرنج بالساحل. وكانت النجابون تأتيه من بغداد إلى دمشق فى مهمات تتعلق بالخلافة. وكانت متاجره لا يتعرض إليها.
وكان خصيصا بالملك الناصر صاحب الشام لا يخرج عن إشارته ورأيه.
وانبسطت يده فى دولته. وكان عنده فضة كثيرة، مراود وجسرا «١» ، فاستأذن الملك الناصر على ضربها دراهم فأذن له، وجعل دار الضرب بدمشق بيده، فضرب منها شيئا كثيرا، وكانت مغشوشة، فخسر الناس فيها أموالهم. ولما ملك هولاكو البلاد وصل إليه فرسان من جهتة يتضمن تأمينه على نفسه وماله فما وثق به. وفارق دمشق إلى الديار المصرية. وغرم جملة مقارب ألف ألف درهم بسبب الدراهم المغشوشة وغيرها. ثم تمكن فى الدولة الظاهرية تمكنا كبيرا، ووكله السلطان الملك الظاهر، وجعله وصيّه على أولاده من بعده وناظر أوقافه، وخوطب فى مكاتباته بالمجلس السامى المولوى. وكان مع تمكنه من الملك الناصر لا يكتب له عنه إلا الصدر الأجل. وكان سبب تمكنه من السلطان الملك الظاهر ما حكاه شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الجزرى فى تاريخه عن والده، رحمه الله تعالى، قال: كنت عند وجيه الدين فى داره فى أيام الملك الناصر، وقد جاء إليه الملك الظاهر وهو يومئذ فى خدمة الملك الناصر من أمرائه، وشكى إليه ضعف إقطاعه، وأنه قد ركبه دين كثير، وليس عنده كسوة لصغاره، وسأله أن يتحدث له مع الملك الناصر، وكان قد وصل إلى وجيه الدين فى تلك الساعة من عكا جوخ سقلاط وغيره، فأعطاه منه كفاية