للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العجمى، فخانقه أصحابه على كل عظيمة لا تصدر من مسلم. فقال: «ما أعرف ما تقولون. ومع هذا، أنا ما قلت إنى رجل صالح، أنتم قلتم هذا. فإن كان الذى تقولون صحيح فأنتم كذبتم» . فقام السلطان وقال للأمراء: «قوموا بنا لئلا نحترق بمجاورته» . فقاموا وانتقلوا إلى طرف الإيوان. فاستشار السلطان الأمراء فى أمره، فقال له الأتابك: «هذا مطلع على أسرار الدولة وبواطن أحوالها وما ينبغى إبقاؤه، ووافقه من حضر من الأمراء على هذا الرأى، وقالوا: ببعض ما قيل عنه يباح دمه. ففهم ما هم فيه، فقال للسلطان: «اسمع ما أقول لك، أنا أجلى قريب من أجلك، وما بينى وبينك إلا مدة أيام يسيرة، من مات منا لحقه الآخر عن قريب» . فلما سمع السلطان كلامه وجم، وقال للأمراء: «ما تشيرون فى هذا» ؟ فسكتوا. فقال السلطان: «أرى أن يحبس فى مكان لا يصل إليه أحد ولا يسمع كلامه، فيكون كمن قبر وهو حى» . ثم أمر به فحبس فى مكان منفرد بقلعة الجبل، ولم يدخل إليه إلا من يثق السلطان به غاية الوثوق. وكان يرسل إليه الأطعمة الفاخرة والفواكه والملابس، واستمر فى الإعتقال إلى أن توفى فى سنة ست وسبعين وستمائة قبل وفاة السلطان بأحد وعشرين يوما. وسنذكر إن شاء الله تعالى، مبدأ أمره وسياقة أخباره عند ذكر وفاته.

وفيها: هرب الأمير عمرو بن مخلول من آل فضل من قلعة عجلون هو وحامد رفيقه. وكان السلطان قد اعتقلهما فى برج من أبراج القلعة، فحفر حفيرة ملاصقة للسور ووقدوا النار حتى تكلس حجر السور، فنقباه وخرجا منه، وقد كانت أعدت لهما خيل سوابق فركباها وتوجها إلى بلاد التتار، ثم ندما على ما فعلاه، فكتبا إلى السلطان يسألان مراحمه، فحلف أنه لا يرضى عنهما إلا أن