ورحل فى سابع الشهر، ووصل إلى غزة فى العشرين منه، فوصلت كتب النواب: إن العدو نصب على البيرة سبعة عشر منجنيقا. فكتب إلى الأمير عز الدين إيغان يستحثه على سرعة الحركة، ويقول:«متى لم تدركوا هذه القلعة؟
وإلا سقت إليها بنفسى جريدة» . فساق العسكر وحث السير، فلما كان فى السادس والعشرين من شهر ربيع الآخر، ورد البريد من جهة الأمير جمال الدين النجيى نائب السلطنة بالشام وعطف كتابه بطاقة «١» من الملك المنصور صاحب حماة مضمونها: أنه وصل إلى البيرة بالعساكر المنصورة صحبة الأمير عز الدين إيغان، وأن التتار عندما شاهدوهم هربوا، ورموا مجانيقهم وغرقوا مراكبهم، وانهزموا لا يلوى أحد منهم على أحد. ثم وصلت أربعة من مماليك الأمراء بالبشارة. وورد كتاب الأمير جمال الدين أقوش «٢» المغيثى النائب بالبيرة يذكر صورة الحال، وأنه لما كثر العدو على القلعة وطم الخندق، حفر أهل البيرة حفيرا قدر قامة، وعملوا منه سردابا نافذا إلى الأحطاب التى كان العدو رماها فى الخندق فأضرموا فيها النار، فاحترقت جميعها، ثم سد المسلمون السرّب المحفور.
وذكر مصابرة أهل الثغر، وأن نساءهم فعلن من حسن البلاء فى مصابرة الأعداء ما لم يفعله الرجال. ومن جملة ما وصف أن برجا واحدا كان عليه خمسة عشر منجنيقا وثبت شهرين. فكتب السلطان بإطابة قلوب من بالثغر، وعينت أمثلة «٣»