وركب وهجم خندق الباشورة، فقاتل الفرنج قتالا شديدا، وأبلى المؤمنون بلاء حسنا واستشهد جماعة من المجاهدين، وصار الإنسان يرى رفيقه قد قتل فيجره ويقف مكانه، وتكاثرت النقوب ودخلت «١» النقابون إليها، وأعطاهم السلطان ثلاثمائة دينار، وصار كل من عمل شيئا جزاه السلطان لوقته عنه بالخلع والمال.
وفى أثناء ذلك نظر السلطان إلى الناس وقد تعبوا فى وقت القائلة من القتال، وتفرق بعضهم وهو راكب ملازم، فأمر خواصه بالسّوق إلى الصواوين وإقامة الأمراء والجند منها بالدبابيس، وسبّ الأمراء. وقال:«المسلمون على هذه الصورة وأنتم تستريحون» ورسم بأمساك الأمراء وكانوا نيفا وأربعين أميرا فقيدهم ونقلهم إلى الزردخاناه «٢» ، فوقعت الشفاعة فيهم فأطلقهم وأمرهم بملازمة مواضعهم.
ووسعت النقوب وشرطت الأسوار، فحرق الفرنج الستائر التى كانت على الباشورة ليحموها «٣» من التسلق «٤» . فأمر السلطان بضرب الطبلخاناه، وقام كل أحد إلى جهته، فضرب المسلمون سكك الخيل «٥» فى سفح الباشورة، فما أصبح الصبح إلا والصناجق على أسوار الباشورة من كل جهة، وأندفع الفرنج إلى القلعة وسلموا الباشورة فى يوم الثلاثاء نصف شوال. وفى هذا اليوم أخذت النقوب فى