الوقت عن حماية جهتين. فلما كان فى ليلة الأربعاء السادس والعشرين من شهر رجب عمدوا إلى هذه القلعة المستجدة وحرقوا جميع ما بها من غلة وقماش وغيره، وانتقلوا إلى القلعة المستقرة، وأصبح المسلمون وتسلموها، وقدمت المجانيق «١» إلى هذه القلعة فى سابع وعشرين الشهر ورمى بها. وأقام السلطان فى سطح برج من أبراجها بالقرب من العدو، فعرف الفرنج موضعه فرموا حجرا قريبا منه فقتل ثلاثة نفر، ولم ينتقل السلطان عن موضعه. وكان باب هذه القلعة تجاه باب القلعة الأخرى، فعمل السلطان سربا طويلا فى أعلى القلعة نازلا إلى أسفلها وصار يتعلق به ويطلع وينزل وهو لابس عدته.
قال واشتد القتال، فبينما الناس فى ذلك وإذا بالوزير كليام قد خرج مستأمنا، ثم سألوا الأمان على نفوسهم وأنهم يؤخذون أسارى، وسألوا إطلاق الحريم والأطفال، فأجاب السلطان إلى ذلك. وفى يوم الأحد سلخ شهر رجب سنة ست وستين وستمائة، استدعوا الصناجق فرفعت على القلعة. وسير الأمير بدر الدين الخزندار فتسلمها «٢» ، وخرج الفرنج إلى الخنادق فقيدوا، وأخرج النساء والأطفال. وجرد الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى «٣» صحبتهم فأوصلهم إلى جهة صور، وسلم الرجال إلى العساكر «٤» .
قال: وهذا الشقيف من أحصن المعاقل وأحسنها وكان مضرة على بلاد الصبيبة. وكان الملك العادل الكبير قد جدده، وما زال فى يد الإسلام إلى أن سلمه الصالح إسماعيل للفرنج على ما قدمناه.