اللهو، أمّارة بالسوء، مستوطنة بالعجز، طالبة للراحة، نافرة عن العمل؛ فإن «١» أكرهتها أنضيتها، وإن أهملتها أرديتها.
وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يضحك حتى تبدو نواجذه. وكان محمد بن سيرين يضحك حتى يسيل لعابه.
وقال هشام بن عبد الملك: قد أكلت الحلو والحامض حتى ما أجد لواحد منهما طعما، وشممت الطّيب حتى ما أجد له رائحة، وأتيت النساء حتى ما أبالى أمرأة أتيت أم حائطا؛ فما وجدت شيئا ألذّ إلىّ من جليس تسقط بينى وبينه مؤنة «٢» التحفّظ.
وقال أحمد بن عبد ربه: الملح نزهة النفس، وربيع القلب، ومرتع السمع، ومجلب الراحة، ومعدن السرور. وقال أيضا: إن في بعض الكتب المترجمة أن يوحنّا وشمعون كانا من الحواريّين، فكان يوحنا لا يجلس مجلسا إلا ضحك وأضحك من حوله، وكان شمعون لا يجلس مجلسا إلا بكى وأبكى من حوله. فقال شمعون ليوحنا:
ما أكثر ضحكك! كأنك قد فرغت من عملك! فقال له يوحنا: ما أكثر بكاك! كأنك قد يئست من ربك. فأوحى الله إلى عيسى بن مريم عليه السّلام: أنّ أحبّ السيرتين إلىّ سيرة يوحنا.
والعرب إذا مدحوا الرجل قالوا: هو ضحوك السنّ، بسّام العشيّات «٣» ، هشّ الى الضيف. وإذا ذمّته قالت: هو عبوس الوجه، جهم المحيّا، كريه المنظر، حامض الوجه «كأنما وجهه بالخل منضوح» . وكأنما أسعط خيشومه بالخردل.
وقيل لسفيان: المزاح هجنة؛ فقال: بل سنّة، لقوله عليه الصلاة والسلام:
«إنى لأمزح ولا أقول إلا الحق» ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.