وتزدان عقود السعود، وإنما يزين اللآلىء فى العقود ازدواجها، وتقوى به قوى العزائم، وتمثله الأعداء فى أفكارها، فتكاد تجر ذيول العزائم، وتبعت الآمال على تمسكها بالنصر، وتظهر منه المحاب التى «١» لو قصدت الأقلام لحصرها، لعجزت عن الحصر. وهو أن العلم الكريم، قد أحاط بالصورة التى استقرت، من دخول الناس فى طاعة المملوك، واجتماع الكلمة عليه، واستقلاله بأمر السلطنة المظمة.
ولما كان يوم السبت، الثالث من شعبان المبارك، سنة ثمان وسبعين وستمائة، ركب المملوك بشعار السلطنة، وأبهة الملك؛ وسلك المجالس العالية، الأمراء والمقدمون والمفاردة «٢» والعساكر المنصورة، من آداب الخدمة، وإخلاص النية، وحسن الطاعة كل «٣» ما دلّ على انتظام الأمر واتساق عقد النصر.
ولما قضينا من أمر الركوب وطرا «٤» ، وأنجزنا للأولياء وعدا من السعادة منتظرا، عدنا إلى قلعة الجبل المحروسة، والأيدى بالأدعية الصالحة لنا مرتفعة، والقلوب على محبة أيامنا مجتمعة، والآمال قد توثفت بالعدل واستمراره، والأبصار قد استشرفت من التأييد مطالع أنواره. وشرعنا من الآن فى أسباب الجهاد، وأخذنا فى كل ما يؤذن، إن شاء الله تعالى، بفتح ما بأيدى العدو من البلاد.