ومنهم ابن أبى عتيق، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصدّيق رضى الله عنهم. وكان ذا ورع وعفاف وشرف، وكان كثير المجون، وله نوادر مستظرفة، منها: أنه لقى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال: ما تقول فى إنسان هجانى بشعر، وهو:
أذهبت مالك غير متّرك ... فى كل مؤنسة وفي الخمر «١»
ذهب الإله بما تعيش به ... وبقيت وحدك غير ذى وفر
فقال عبد الله بن عمر: أرى أن تأخذ بالفضل وتصفح. فقال له عبد الله بن محمد ابن عبد الرحمن: والله أرى غير ذلك. فقال: وما هو؟ قال: أرى أن أنيكه. فقال ابن عمر: سبحان الله! ما تترك الهزل! وافترقا. ثم لقيه بعد ذلك فقال له: أتدرى ما فعلت بذلك الإنسان؟ فقال: أىّ إنسان؟ قال: الذى أعلمتك أنه هجانى. قال:
ما فعلت به؟ قال: كل مملوك لى حرّ إن لم أكن نكته. فأعظم ذلك عبد الله بن عمر واضطرب له. فقال له: امرأتى والله التى قالت الشعر وهجتنى به. وكانت امرأته أمّ إسحاق «٢» بنت طلحة بن عبيد الله.
وقد مدح الشعراء اللعب في موضعه، كما مدح الجدّ في موضعه؛ فقال أبو تمّام:
الجدّ شيمته وفيه فكاهة ... طورا ولا جدّ لمن لم يلعب
وقال الأبيرد رحمة الله عليه:
اذا جدّ عند الجدّ أرضاك جدّه ... وذو باطل إن شئت ألهاك باطله