بالنوبة، فأدركهم على خيل البريد، قبل رحيل العسكر من أسوان. ولما وصل إليهم أنفسهم العسكر نصفين على العادة. فكان الأمير عز الدين الأفرم، والأمير سيف الدين قبجاق «١» ، ونصف العسكر ونصف العربان بالبر الغربى، والأمير عز الدين أيدمر، متولى الأعمال القوصية، والأمير سيف الدين بكتمر الجو كندار، ونصف العسكر ونصف العربان بالبر الشرقى.
وتوجهوا ورسموا الجريس نائب النوبة أن يتقدمهم، منزلة بمنزلة، ومعه أولاد الكنز، أمراء أسوان، ليطمئنوا أهل البلاد ويؤمنوهم «٢» ، ويجهزوا الإقامات للعسكر. فكان الجيش إذا وافى بلدا، خرج من بها من المشايخ وأعيانها، وقبلوا الأرض بين يدى الأمراء، وأخذوا أمانا واستقروا ببلدهم، وذلك من الدّو إلى جزائر ميكائيل، وهى البلاد التى كانت تحت يد جريس، صاحب الجبل «٣» .
وأما ما عدا ذلك من البلاد، التى لم يكن لجريس عليها ولاية، فإنها أخليت «٤» ، طاعة لمتملك النوبة. فكان العسكر ينهب ما يجده بها، ويقتل من تخلف من أهلها بها، ويرعون «٥» زروعهم، ويحرقون «٦» سواقيهم ومساكنهم، إلى أن انتهوا إلى مدينة دنقلة. فوجدوا الملك قد أخلاها، وأجلى أهلها، ولم يجد الأمراء بها إلا شيخا كبيرا وعجوزا. فسألوهما عن أخبار الملك، فذكرا أنه توجه إلى جزيرة وسطى، فى بحر النيل، مسافتها من دنقلة خمسة عشر يوما. واتساع هذه الجزيرة