رضى الله عنه، وأقر معاوية بن أبى سفيان على الشام، وجه معاوية إلى طرابلس سفيان بن نجيب «١» الأزدى، وكانت إذ ذاك ثلاث «٢» مدن مجتمعة، فبنى فى مرج على أميال منها حصنا، سمى بحصن سفيان. وقطع الميرة عن أهل طرابلس، وحاصرها. فلما اشتد الحصار على أهلها، اجتمعوا فى أحد الحصون الثلاثة، وكتبوا إلى ملك الروم، يسألونه أن يمدهم، أو يبعث إليهم بمراكب ينهزمون فيها. فسير إليهم مراكب كثيرة، فركبوها ليلا وهربوا. فلما أصبح سفيان، وتقدم لقتالهم على عادته، وجد الحصن خاليا، فملكه، وكتب إلى معاوية بالفتح. فأسكنه معاوية جماعة كثيرة من اليهود، وهو الحصن الذى فيه المينا ثم بناه عبد الملك بن مروان وحصنه.
وكان معاوية يوجه فى كل سنة جماعة من الجند، يشحنها بهم، ويوليها نائبا. فإذا غلق «٣» البحر، عاد الجند وبقى النائب فى جماعة يسيرة. فما برح أمرها كذلك، حتى ولى عبد الملك بن مروان. فقدم بطريق فى بطارقة الروم، ومعه خلق كثير. فسأل أن يعطى الأمان، على أن يقيم بها، ويؤدى الخراج، فأجيب إلى ذلك. فلم يلبث غير سنتين أو أكثر بأشهر، عند عود الجند منها، حتى أغلق بابها، وأسر من بقى بها من الجند، وعدة من اليهود، وتوجه هو وأصحابه إلى بلاد الروم. فقدر الله، عز وجل