فلما وصل [ابن السلعوس]«١» إلى السلطان، فوض إليه الوزارة، ومكّنه من الدولة تمكينا عظيما، ما تمكن وزير قبله مثله فى دولة الترك. وجرّد فى خدمته جماعة من المماليك السلطانية، يركبون فى خدمته، ويترجلون فى ركابه، ويقفون بين يديه، ويمتثلون أوامره. فعظم بذلك شأنه، وتعاظم فى نفسه واستخف بالناس. وتعدى أطوار الوزراء، حتى كان أكابر الأمراء يدخلون إلى مجلسه، فلا يستكمل «٢» لهم القيام. ومنهم من لا يلتفت إليه. وكان فى بعض الأوقات يستدعى أمير جاندار «٣» وأستاذ الدار، على كبر مناصبهما. فكان إذا استدعى أحدا منها «٤» ، يقول اطلبوا فلانا أمير جاندار، وفلانا «٥» أستاذ للدار، يسمى كل واحد منهما باسمه، دون نعته. ثم ترفّع عن هذه الرتبة إلى الاستخفاف بنائب السلطنة [الأمير بيدرا «٦» ] ، وعدم الالتفات إلى جهته ومشاركته فى بعض وظيفته، والاستبداد عنه، ومعارضته فيما يقصد فعله، وتعطيل ما يؤثره. هذا، والأمير بدر الدين بيدرا يصبر على جفاه، ولا يمكنه. مفاجأته لما يشاهده من ميل