العسكر، فى تلك الأوعار، ومضايق الجبال، فنالوا منهم. وعاد العسكر شبه المنهزم، وطمع أهل تلك الجبال، فاضطر الأمير بدر الدين إلى إطابة قلوبهم والإحسان إليهم. وخلع على جماعة من أكابرهم، فاشتطوا فى الطلب، فأجابهم إلى ما التمسوه، من الإفراج عن جماعة منهم، كانوا قد اعتقلوا بدمشق، لذنوب وجرائم صدرت منهم. وحصل للكسروان من القتل والنهب والظفر، ما لم يكن فى حسابهم. وحصل للأمراء والعسكر من الألم لذلك، ما أوجب تصريح بعضهم بسوء تدبير الأمير بدر الدين بيدرا نائب السلطنة، ونسبوه إلى أنه إنما أهمل أمرهم، وفتر عن قتالهم، حتى تمكنوا مما تمكنوا منه لطمعه، وأنه تبرطل منهم وأخذ جملة كثيرة، ولهج الناس بذلك. وتوجه الأمير بدر الدين بيدرا بالعساكر إلى دمشق. فتلقاه الملك الأشرف، وأقبل عليه وترجل لترجله عند السلام [عليه]«١» . فلما خلا به، أنكر عليه سوء اعتماده وتفريطه فى العسكر، فمرض لذلك، حتى أشاع «٢» الناس أنه سقى. ثم عوفى فى العشر الأوسط من شهر رمضان، فتصدق السلطان بجملة كثيرة، شكرا لله تعالى على عافيته، وأطلق جماعة كثيرة ممن كان فى السجون. وتصدق هو أيضا بجملة، ونزل عن كثير مما كان قد اغتصبه من أملاك الناس، بالإيجار «٣» الذى هو على غير الوجه الشرعى. وجمع العلماء والقضاة والقراء والمشايخ، فى العاشر من شهر رمضان، بالجامع بدمشق لقراءة ختمة. وأشعل «٤» الجامع فى هذه الليلة، كما