واستمر به السير إلى أن وصل إلى القاهرة ليلا. فبات بزاوية «١» الشيخ جمال الدين ابن الظاهرى، ولم ينم فى معظم الليل. وركب بكرة النهار من الزاوية، وجاء إلى داره، وهو على حاله وهيئته. وحضر للسلام عليه القضاة وأعيان الدولة ونظارها. فعاملهم بما كان يعاملهم به من الكبر، وعدم القيام لأكابرهم. ثم استشار بعض الناس فيما يفعل. فأشار بعضهم عليه، بالاختفاء إلى أن تسكن هذه الفتنة، وتستقر القاعدة، فقال هذا لا نفعله ولا نرضاه لعامل من عمالنا.
فكيف نختاره لأنفسنا. واستمر على ذلك خمسة أيام.
وكانت رسالة دور السلطان الملك الأشرف قد خرجت إلى الأمير زين الدين كتبغا، مضمونها الشفاعة فى أمره، وأنه لا يؤذى. وذكروه بمحبة السلطان له. وأنهم إنما قاموا فى طلب ثأر السلطان، وقتل أعدائه. و [أما]«٢» هذا فهو أخلص أولياء السلطان بخدمته، وأدومهم على طاعته- هذا اللفظ أو معناه-.
فسكن أمره فى هذه الأيام الخمسة الماضية. فغضب الأمير علم الدين الشجاعى، واجتمع بالأمير زين الدين كتبغا نائب السلطنة وغيره من أكابر الأمراء.
وقال: هذا الصاحب هو الذى أوقع بين السلطان ومماليكه وأمرائه ونائبه. وإنما قتل السلطان بسبب هذا، فاتبّع رأيه فيه.