واشتد به الوجع، دخل الصاحب فخر الدين عليه وبكى، وأظهر الألم الشديد وقال أخشى إن قدر الله تعالى أمرا محتوما، والعياذ بالله، أن أوذى، ويتمكن منى الأمير علم الدين الشجاعى. وطلب الملك الصالح والده السلطان الملك المنصور وأوصاه أن لا يتعرض إليه. ولا إلى أحد من ديوانه بأذية «١» ، وأن لا يمكن الأمير علم الدين الشجاعى منهم. فلما مات الملك «٢» الصالح، أحسن السلطان [المنصور]«٣» إليه، وولاه نظر النظار بالديار المصرية، ونظر الصحبة، ثم عزل فى الدولة الأشرفية. وباشر نظر ديوان الملك العادل، فى مدة نيابته عن السلطنة، وفوض إليه نظر الدواوين، ثم الوزارة «٤» .
وفى هذه السنة، قصر النيل ولم يوف، فحصل الغلاء واشتد البلاء بالديار المصرية. وتوقف الغيث بالشام، فاستسقى الناس، مرة بعد أخرى. وأجدبت برقة وأعمالها، وبلاد المغرب ونواحيها. وعمّ الغلاء أكثر البلاد والممالك، شرقا وغربا وحجازا. واختصت مصر من ذلك البلاء العظيم. وبلغ سعر القمح عن كل أردب مائة درهم وخمسين درهما، والشعير مائة درهم. واستمر إلى سنة خمس وتسعين وستمائة «٥» .