ثم خرج [كرجى]«١» . إلى الأمير سيف الدين طقجى، وقد استعد هو أيضا، وهو ينتظر ما يفعله كرجى، فأعلمه بقتل السلطان. ثم توجهوا إلى دار النيابة، وقد أغلقت. فطرق كرجى الباب، واستدعى الأمير سيف الدين منكوتمر برسالة السلطان، فأنكر حاله، واستشعر السوء، وامتنع من الإجابة. ثم قال له:
كأنكم فتلتم السلطان، فقال: نعم قتلناه، وسبّه. فعند ذلك ذلّ منكوتمر، وضعفت نفسه، واستجار بالأمير سيف الدين طقجى، فأجاره وحلف له أنه لا يؤذيه، ولا يمكن من أذاه، فاطمأن ليمينه وخرج إليهم. فأرسلوه إلى الجب، وأنزلوه إليه، فلما رآه الأمراء، قاموا إليه، وظنوا أن السلطان نقم عليه، وسألوه عن الخبر. فأخبرهم بقتل السلطان، فسبوه، وذكّروه بسوء فعله، وقصدوا قتله، ثم تركوه.
ثم رجع كرجى بعد اعتقال منكوتمر إلى مجلسه. وقال لطقجى: نحن ما قتلنا السلطان لإساءة صدرت منه إلينا، وإنما قتلناه بسبب منكوتمر، ولا يمكن ابقاءه. ثم قام، وتوجه إلى الجب، وأخرجه وذبحه من قفاه على باب الجب «٢» .
فكانت مدة سلطنة الملك المنصور حسام الدين لاجين، منذ فارق الملك العادل الدهليز، وحلف الأمراء له بمنزلة العوجا، فى يوم الاثنين الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وتسعين وستمائة، وإلى أن قتل فى هذه الليلة، سنتين وشهرين وثلاثة عشر يوما، ومنذ خلع الملك العادل نفسه بدمشق، وحلف له، واجتمعت الكلمة عليه بمصر والشام، فى يوم السبت رابع عشرين صفر من السنة