فقتلناهم ليعتبر الباقون، ويقطعوا أطماعهم عن النهب والأسر، وغير ذلك من الفساد. وليعلموا أنا لا نسامح بعد هذا الأمر البليغ البته، وأن لا يتعرضوا لأحد من أهل الأديان، على اختلاف أديانهم، من اليهود والنصارى والصائبة. فإنهم إنما يبذلون الجزية عنهم، من الوظائف الشرعية، لقول علىّ عليه السّلام:«إنما يبذلون الجزية، لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا» . والسلاطين موصّون على أهل الذمة الطيعين «١» ، كما هم «٢» موصون على المسلمين، فإنهم من جملة الرعايا.
قال صلى الله عليه وسلم:«الإمام الذى على الناس، راع عليهم وكل راع مسئول عن رعيته» .
فسبيل «٣» القضاة والخطباء والمشايخ والعلماء والشرفاء والأكابر والمشاهير وعامة الرعايا، الاستبشار بهذا النصر الهنى والفتح السنى، وأخذ الحظ الوافر من السرور، والنصيب الأكبر من البهجة والحبور، مقبلين على الدعاء لهذه الدولة القاهرة، والمملكة الظاهرة، أناء الليل وأطراف النهار.
وكتب فى خامس ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وستمائة.
ولما قرىء هذا الفرمان، حصل للناس بعض الطمأنينة، وجلس التتار بالمقصورة إلى أن صلوا العصر، وعادوا إلى منزلتهم بالبستان الظاهرى. وأغلق الأمير علم الدين سنجر أرجواش أبواب قلعة دمشق، وامتنع بها فى أول هذه الحادثة.