للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمه! قال: تهبينى جارية من جواريك تؤنسنى، وترفق بى وتريحنى من عجوز عندى؛ قد أكلت رفدى، وأطالت كدّى؛ فقد عاف جلدى جلدها، وتشوّقت فقدها.

فضحكت الخيزران وقالت: سوف آمر لك بما سألت. فلمّا رجعت تلقاها وأذكرها وخرج معها الى بغداد، فأقام حتى غرض «١» . ثم دخل على أمّ عبيدة حاضنة موسى وهارون فدفع اليها رفعة قد كتب بها الى الخيزران، فيها:

أبلغى سيّدتى بالله ... يا أمّ عبيده

أنّها أرشدها الله ... وإن كانت رشيده

وعدتنى قبل أن تخرج ... للحج وليده

فتأنّيت وأرسلت ... بعشرين قصيده

كلما أخلقن أخلفت ... لها أخرى جديده

ليس في بيتى لتمهيد ... فراشى من قعيده

غير عجفاء عجوز ... ساقها مثل القديده

وجهها أقبح من حو ... ت طرىّ في عصيده

ما حياة مع أنثى ... مثل عرسى بسعيده

فلما قرئت عليها، ضحكت ودعت بجارية من جواريها فائقة الجمال، فقالت لها:

خذى كل مالك في قصرى، ففعلت؛ ثم دعت بعض الخدم وقالت له: سلّمها الى أبى دلامة. فانطلق الخادم بها فلم يصادفه في منزله؛ فقال لامرأته: اذا رجع أبو دلامة فادفعيها اليه وقولى له: تقول لك السيدة: أحسن صحبة هذه الجارية فقد أمرت لك بها. فقالت له نعم. فلما خرج الخادم دخل ابنها دلامة فوجد أمّه تبكى؛ فسألها عن خبرها فأخبرته وقالت: إن أردت أن تبرّنى يوما من الأيام فاليوم.