ثم نصر «١» ، وعاوده التأييد. فجبر بعد ما كسر، خصوصا ملوك هذا الدين، فإن الله تكفل لهم بحسن العقبى. فقال سبحانه:(وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) *
«٢» .
وأما إقامتهم الحجة علينا، ونسبتهم التفريط إلينا، فى كوننا لم نسيّر إليهم رسولا، عندما حلوا «٣» بدمشق فنحن عند ما وصلنا إلى الديار المصرية، لم نزد على أن اعتددنا «٤» وجمعنا جيوشنا من كل مكان. وبذلنا فى الاستعداد غاية الجهد والإمكان وأنفقنا جزيل الأموال فى العساكر والجحافل. ووثقنا بحسن الخلف، لقوله تعالى:(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ)
«٥» .
ولمّا خرجنا من الديار المصرية، وبلغنا خروج الملك من البلاد، لأمر حال بينه وبين المراد، توقفنا «٦» عن المسير، توقف من أغنى رعبه عن حث الركاب، وتثبتتا تثبت الراسيات (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ)
«٧» وبعثنا طائفة من العساكر لمقاتلة من أقام بالبلاد، فما لاح لنا منهم بارق ولا ظهر. وتقدمت فتخطفت من حمله على التأخر الغرر؛ ووصلت الفرات فما وقفت للقوم على أثر.