والآن، فحيث انتهت الأجوبة إلى حدها، وأدركت الأنفة من مقابلة ذلك الخطاب غاية قصدها، فنقول: إذا جنح الملك للسلم، جنحنا لها، وإذا دخل فى الملّة المحمدية، ممتثلا ما أمر الله به، مجتنبا ما عنه نهى، وانضم «١» فى سلك الإيمان، وتمسك بموجباته، تمسك المتشرف بدخوله فيه لا المنانّ، وتجنّب التشبه بمن قال الله عز وجل فى حقهم:(قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ)
«٢» . وطابق فعله قوله: ورفض الكفار الذين لا يحل له أن يتخذهم حوله، وأرسل إلينا رسولا من جهته يرتّل آيات الصلح ترتيلا؛ ويروق خطابه وجوابه، حتى يتلو كل أحد عند عوده (يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا)
«٣» . صارت حجّتنا وحجّته المركبة «٤» على من خالف ذلك، وكلمتنا وكلمته قامعة أهل الشرك فى سائر الممالك، ومظافرتنا له تكسب «٥» الكافرين هوانا؛ والمشاهد لتصافينا يتلو قوله تعالى:(وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً)
«٦» .
وينتظم إن شاء الله تعالى شمل الصلح، أحسن انتظام. ويحصل التمسك من الموادعة والمصافاة «٧» بعروة ولا انفصال لها ولا انفصام. وتستقر قواعد الصلح، على ما يرضى الله ورسوله علية أفضل الصلاة والسلام، إن شاء الله تعالى.