عن الظفر والغنيمة فى شهر ربيع الأول من سنة تسع عشرة وسبعمائة، ووصل الخبر بها إلى الديار المصرية فى سنة عشرين وسبعمائة، واجتمع بى من حضر هذه الوقعة، وقص على نبأها. وعلقت ذلك منه ثم فقدته، ورأيت هذه الوقعة قد ذكرها الشيخ شمس الدين الجزرى فى تاريخه عن الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن ربيع المالقى، وملخص ما نقله عنه ... وبعد سرده للملخص يقول: وقد ورد كتاب إلى الديار المصرية من أغرناطة من جهة الشيخ حسين بن عبد السلام تضمن من خبر هذه الغزاة. وسرد ما جاء بكتابه.
ومن هذه النقول يتضح حرص المؤلف على متابعة الأخبار التى عايشها بما يضفى أهمية كبيرة على تاريخ النويرى لتلك الحقبة ويجعل منه المصدر الموثوق به لدى المؤرخين فاعتمدوا على النقل منه- ليس من أرخوا لمصر والشام فقط ولكن من أرخوا للحجاز أيضا، وقد عايشت تاريخ مكة فى كتاب «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد المتوفى سنة ٨٨٥ هـ، وكتاب «غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام» للعز عبد العزيز بن عمر بن فهد المتوفى سنة ٩٢٢ هـ ورأيت مدى اعتمادهما على النقل من نهاية الأرب فيما يتصل بإمارة مكة المكرمة وعلاقتها بالسلطنة فى مصر. كما رأيت تقى الدين محمد ابن أحمد بن على الفاسى المتوفى سنة ٨٣٢ هـ يعتمد عليه فى كتابيه «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» و «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» وهذا الجزء من كتاب نهاية الأرب يعتبر النص الأول الذى قمت بتحقيقه، وكان تقرير أستاذنا الكبير المرحوم الدكتور عبد العزيز الأهوانى- الذى كان لى شرف أن يراجع عملى فيه- دافعا قويا لى على مواصلة الاشتغال بتحقيق التراث التاريخى؛ ذلك لأنه أثنى على جهدى بقوله: إنه جهد باحث واعد فى تحقيق النصوص. وكان رحمه الله صاحب مدرسة فى التحقيق؛ كان لا يرضى أن يتجرأ محقق على انتقاص جهد الأساتذة الذين سبقوه فى هذا الميدان، وعاهدنى ألا أعرّض بخطأ أحد مهما كبر هذا الخطأ أو صغر، وقال: يكفيك أنك عرفت الصواب.