للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشهود، تزيد عدتهم على ثلاثين نفرا، وثبت مضمون المحضر على قاضى القضاة زين الدين المالكى، فلما تكامل ذلك عنده أعذر إليه، فلما انقضت مدة الاعتذار حكم قاضى القضاة بإراقة دمه فى عشيّة نهار الأحد الثالث والعشرين من شهر ربيع الأوّل، وجلس قاضى القضاة فى بكرة نهار الاثنين الرابع والعشرين من الشهر بالمدرسة الصّالحية [١] النجمية بين القصرين بالشّبّاك الكبير الأوسط، وحضر المجلس قاضى القضاة شمس الدين الحنفى وجماعة من الأعيان والعدول، وأحضر الفتح بن البققى من الاعتقال، وهو يستغيث ويعلن بالشهادتين. فقال له قاضى القضاة شمس الدين الحنفى: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ

[٢] وقال قاضى القضاة زين الدين له: إسلامك لا يفيدك عندى. ثم أمر بضرب عنقه، فتقدم إليه علاء الدين آقبرص الموصلى وضرب ضربتين فى عنقه بالسيف؛ ضربة بعد أخرى ولم يخلّص رقبته، ثم قطعها رجل من الضوية [٣] بسكين فأبان رأسه عن بدنه ورفع رأسه على عصا من عصى النادشتية [٤] ، وسحب بدنه إلى باب زويلة فصلب هناك، ثم دفن.

وقال علاء الدين أقبرص الموصلى، وحلف بالله أنه رافق ابن البققى فى سفرة سافرها من حماة، وأنه سمع منه ألفاظا من الزندقة حتى همّ مرارا أن يضرب عنقه، ثم قدر الله قتله بسيف الشرع بيده، وما اختلف أحد فى فساد عقيدته.

وفى هذه السنة فى شهر المحرم سقط برد ما بين حماه وحصن الأكراد، وفى بعضه صور تشبه صور بنى آدم من الذكور والإناث. وصور قرود وغيرها، وطولع السلطان بذلك.


[١] المدرسة الصالحية النجمية: أنشأها الملك الصالح نجم الدين فى سنة ٦٣٩ هـ وكان مكانها بين القصرين بشارع القاهرة الأعظم (المعز لدين الله الفاطمى حاليا، (المقريزى: كتاب المواعظ، ج ٢، ص ٣٧٤- ٣٧٥) .
[٢] سورة يونس آية ٩١.
[٣] الضوية: هم الأشخاص المكلفون بأعمال الإضاءة، ويقال لهم أرباب الضوء، والمشاعلية. (زيادة: حاشية ٢ فى كتاب السلوك ١: ٥٢٥) ويفهم من عبارة معيد النعم ص ١٤٣: أنهم كانوا يكلفون يتنفيذ الإعدام، وأن عليهم أن يحسنوا القتلة، وهذا يفسر قيام أحدهم بالإجهاز على ابن البققى.
[٤] عصا النادشتية أو النارشتية: فى السلوك ١: ٩٢٥ «أن رأس البققى رفع على رمح» ولعل هذا يفسر هذه العصا، ولم أعثر على تعريف بها فى دوزى ولا فى المعجم الفارسى.