للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك فى الثانى والعشرين من ذى الحجة سنة ثمان وتسعين وستمائة قبل استقلال ركابه الشريف إلى الشام بيومين، وكان قاضى القضاة زين الدين قد رتّب كتاب وقف [١] ، جعل النظر فيه على الوقف، والمدرسة والقبّة لنفسه أيام حياته، ثم من بعده للأرشد فالأرشد من أولاده وأولادهم وذريّتهم، ثم من بعدهم لقاضى القضاة المالكى، وشرط أيضا التدريس فى إيوان المالكية لنفسه ولأولاده من بعده، وكتب الكتاب ووقع الإشهاد على السلطان فيه بذلك، فضاق شهاب الدين أحمد بن عبادة من ذلك، وكان قاضى القضاة زين الدين قد استخدمه مشارفا بالديوان الناصرى، وتقدم عند السلطان، وأوضح للسلطان أمر الوقف وبيّنه له، وقال: إن قاضى القضاة إنّما جعل هذا لنفسه ولأولاده وذرّيّته ولم يجعل للسلطان ولا لعتقائه فى ذلك شيئا، وحسّن للسلطان تغيير كتاب الوقف، وأن يجعل النظر فيه لعتيقه الطواشى شجاع الدين عنبر اللّالا ومن بعده للأمثل فالأمثل من عتقاء الواقف، ثم عتقاء والده؛ ففعل ذلك، وجعل له أن يتناول من ريع الوقف المذكور فى كل شهر ثلاثمائة درهم نقرة [٢] مدة حياته.

وجعل لمن يؤول النظر إليه بعده فى كل شهر مائتى درهم، وأبطل الكتاب الأوّل وثبّت الكتاب الثانى.

وسألت شهاب الدين بن عبادة عن السبب الحامل له على إخراج النظر عن قاضى القضاة ونقله إلى غيره. فقال: إنه جعل النّظر والتّدريس لنفسه ولأولاده من بعده، وما جعل لى منه نصيبا، ولا ذكر لى وظيفة، وكنت طلبت منه أن يجعلنى مشارفا بشرط الواقف فشحّ علىّ بذلك، فأخرجت النّظر عنه وعن ذرّيته.

وقد رأيت أن أذكر ملخّص ما تضمّنه كتاب وقف القبّة والمدرسة، وما رتب فيهما فيه من أرباب الوظائف، وما شرط لهم من المعلوم، وما شرط


[١] كذا فى ص، وف وفى ك «وقفه» .
[٢] الدراهم النقرة: الأصل فيها أن يكون ثلثاها من فضة، وثلثها من نحاس، وتضرب بدور الضرب وتطبع بالسكة السلطانية، وتكون منها دراهم صحاح، وفراضات مكسرة، والعبرة فى وزنها بالدراهم، وهو معتبر بأربعة وعشرين قيراطا وقدر بست عشرة حبة من حب الخروب، فتكون كل خروبتين ثمن درهم، وهى أربع حبات من حب البر المعتدل (صبح الأعشى ٣: ٤٤٣) .