للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمدون [١] وحاصروها، واستولوا عليها فى يوم الخميس ثالث عشر ذى القعدة، وملكت بالأمان، وكان قد اجتمع بها جماعة من أصحاب القلاع المجاورة لها، وسبب اجتماعهم بها أنّ صاحب سيس أرسل إليهم أن يجتمعوا بتلّ حمدون، ويقبضوا منها نفقة ويعودوا إلى قلاعهم ويحفظوها، ويقول لهم: إن هذه العساكر إنما دخلت للإغارة والعود. فاجتمعوا بتل حمدون لقبض النفقة، وجاء العسكر إليها وحاصرهم بها، فسألوا الأمان، فلما أطلقوا وصل رسول صاحب سيس إلى العسكر يقول: هؤلاء الذين بتّلّ حمدون هم ملّاك القلاع، فإن قبضتم عليهم وأردتم المال بذلوه لكم أو القلاع سلّموها إليكم. وشكا منهم أنهم لا يرجعون إليه ولا يسمعون منه ويخالفونه إذا قصد بذل الطاعة للسلطان، أو إرسال الحمول، ويقولون: إذا حضر العسكر خلّ بيننا وبينه. فعند ذلك أرسل الأمراء من أدركهم قبل وصولهم إلى مأمنهم، وقبضوا عليهم وقتل بقيتهم، وكان الذين قبض عليهم ثمانية من أصحاب القلاع المشار إليهم، منهم أمير اسمه السرمساق صاحب قلعة بخيمة، وبقيتهم لكل منهم قلعة. فلما تحقق السرمساق أن صاحب سيس عمل عليهم أسلم وتلفّظ بالشهادتين المعظمتين، وقال: أنا لى أخ فى خدمة السلطان، وأنا أسلّم قلاعى وألتزم للسلطان بفتح بلاد سيس بألفى فارس من نهر جهان [٢] إلى بلاد [٣] قرمان، فعاد العسكر به وببقية الواصلين، وكان وصولهم إلى دمشق فى الحادى والعشرين من ذى الحجة، ورحل العسكر المصرى منها فى تاسع عشرين الشهر، ووصلوا إلى الأبواب السّلطانية فى المحرم سنة أربع وسبعمائة.

وفى يوم الإثنين تاسع عشر شوال سنة ثلاث وسبعمائة فوضت الوزارة بالديار المصرية للأمير ناصر الدين محمد الشيخى، نقل من ولاية الجيزية إليها عوضا عن الأمير عز الدين أيبك البغدادى، فأحدث الشيخّى مظالم كثيرة، ولم تطل أيامه.


[١] تل حمدون: بلدة من بلاد الروم تتاخم الشام (معجم البلدان ٤: ٦٣٣) .
[٢] نهر جهان: هو نهر جيحان، وهو نهر المصيصة بالثغر الشامى، ومنيعه من بلاد الروم، ويمر حتى يصب فى مدينة تعر بكفر بيا بإزاء المصيصة (هامش النجوم الزاهرة ٧: ١٦٨) .
[٣] بلاد قرمان: هى دولة بآسيا الصغرى، نشأت أواسط القرن السابع الهجرى. (السلوك ١: ٦٣٠ هامش) .