للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورتّب فقيهين يعلمان عدّة من الصبيان الأيتام، ورتّب لهما فى كل شهر خمسين درهما. ولعدة من الصّبيان ما يكفيهم على العادة.

وأنشأ بالجامع خزانة كتب، وقف بها نحو خمسمائة مجلّد من كتب العلوم، والآداب، والتواريخ وغير ذلك، وختمات شريفة، وربعات، وغير ذلك، ورتّب لشاهدها فى كل شهر ثلاثين درهما، واستنسخ ختمة شريفة سبعة أجزاء، فى ورق بغدادى كامل كتبت بالذهب المحلول، بخط شرف الدين بن [١] الوحيد، حلّ له جملة من الذهب، وصرف عليها جملة فى أجرة كاتب وترميل [٢] ، وتذهيب آيات وأعشار وسور وفواتح وتجليد، ووقفها بالجامع يقرأ منها فى كل جمعة قبل الخطبة، ورتّب للقارئ فى كل شهر معلوما.

ورتّب غير ذلك من وجوه البر والقربات، وجلس المدرسون المذكورون وغيرهم من أرباب الوظائف بالجامع الحاكمى المذكور فى أول شهر ربيع الأول من هذه السنة- أثابه الله تعالى- وكان الذي حسّن له ترتيب ذلك وحثّه عليه الشيخ العارف نصر المنبجى [٣] نفع الله به- وكان الأمير ركن الدين لا يخرج عن إشارته.

وفى هذه السنة عاد الأمير سيف الدين قطايا بن يوسف [٤] أمير بنى كلاب، وسلطان، وجماعة من مشايخهم إلى الخدمة السلطانية.

وكان قد خرج عن الطاعة من مدة طويلة، وتوجّه إلى بلاد الشرق، ولحق بالتتار، فعاد الآن بمن معه، فأحسن السلطان إليهم، وشملهم بالإنعام والإقطاعات، وفرقهم فى بلاد الشام وعفا عن ذنوبهم السالفة، ولم يؤاخذهم.


[١] هو شرف الدين أبو عبد الله محمد بن شريف بن يوسف بن الوحيد الزرعى، توفى سنة ٧١١ هـ. وانظر الوافى بالوفيات ٣: ١٥٠، وفوات الوفيات ٣: ٣٩٠، والدرر الكامنة ٤: ٧٣، والسلوك ٢: ١١٣، والدليل الشافى ٢: ٦٢٧.
[٢] الترميل: مأخوذ من المرملة وهى إناء يوضع فيه نوع من الرمل لتجفيف الكتابة (دوزى ١: ٥٠٩) .
[٣] هو أبو الفتح نصر بن سليمان بن عمر المنبجى، الحنفى، توفى سنة ٧١٩ هـ، وكان محدثا فقيها عارفا بالقراءات، وانظر غاية النهاية ٢: ٣٣٥، والدرر الكامنة ٤: ٣٩٢، والدليل الشافى ٢: ٨٣٣، وشذرات الذهب ٦: ١٣٦.
[٤] كذا فى الأصول. وفى السلوك ٢: ٣ «سيف الدين قطايا بن سيفر. أو بن سعيد» كما جاء بهامشه.