فلما وقف القاضى شمس الدين بن عدلان على هذه الفتيا أنكر منها مواضع وعرضها على القاضى زين الدين المالكى فقال قاضى القضاة أحتاج أن يثبت عندى أن هذا خط تقى الدين المذكور فإذا ثبت ذلك رتبت عليه مقتضاه، وانفصل المجلس فى تلك الليلة على هذا، ثم شهد جماعة عند قاضى القضاة أن الجواب المذكور بخط تقى الدين المذكور فثبت ذلك عنده وأشهد على نفسه به فى شعبان من السنة واجتمع قاضى القضاة زين الدين بالأمراء وعرفهم ما أنكره من فتياه فرسم بطلبه إلى الأبواب السلطانية وتوجه البريد بذلك فتوقف نائب السلطنة بالشام الأمير جمال الدين فى إرساله واتفق وصول الأمير سيف الدين الطنقش الجمالى أستاذ دار نائب السلطنة بالشام إلى الأبواب السلطانية فى الشهر المذكور فى بعض المهمات وملك السلطان مخدومه من أملاكه بالشام أماكن أحتاج إلى إثباتها على قاضى القضاة زين الدين المالكى فاجتمع بى بسبب ذلك فدخلت على قاضى القضاة وعرفته مكانة سيف الدين المذكور ومنزلته من أرباب الدولة، ومحل مخدومه والتمست منه الإذن له فى الدخول وإكرامه إذا دخل عليه فأذن له فى الدخول فلما دخل عليه اطرحه ولم يكترت لدخوله وكلمه بكلام غليظ فكان مما قال له عند دخوله عليه: أنت أستاذ دار جمال الدين؟ قال: نعم: قال: لا بيّض الله وجهه. وحمله رسالة لمخدومه فقال: قل له عنى أنت تعرف كيف كنت، وأننى اشتريتك للسلطان الملك المنصور وكنت على حال من الضرورة فى جنديتك وإمرتك ثم خوّلك الله تعالى من نعمه وأفاض عليك منها ما أنت عليه الآن وألحقك بأكابر الملوك ونعتّ بملك الأمراء، ثم أنت تدافع عن رجل طلبته لقيام حق من حقوق الله عليه، والله لئن لم ترسله ليعجلن الله تعالى [١] هلاكك إلى غير ذلك مما قاله فى وقت خروجه فالتزم الأمير سيف الدين الطنقش أنه عند وصوله إلى دمشق لا يبيت ابن تيمية بها، ويرسله إليه، ثم لم يقنع قاضى القضاة بذلك إلى أن اجتمع بالأمراء، وجدد معهم الحديث فى أمر تقى الدين فاقتضى ذلك إرسال الأمير حسام الدين لاجين العمرى أحد الحجاب بالأبواب السلطانية إلى دمشق بمثال شريف سلطانى بطلبه فتوجه ووصل إليها فى خامس شهر رمضان.