للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن استقر على تخت السلطنة ولقّب بالملك المظفر، وزفّت البشائر، وكتب بذلك إلى سائر الممالك [٤٩] الإسلامية وتوجه إلى الشام الأمير عزّ الدّين أبيك البغدادى والأمير سيف الدين ساطى فوصلا إلى دمشق على خيل البريد فى مستهل ذى القعدة، وخطب له بالقاهرة فى يوم الجمعة التاسع والعشرين من شوال سنة ثمانى وسبعمائة وحضر الخليفة المستكفى بالله أبو الربيع سليمان وقلده السلطنة بالديار المصرية والبلاد الشامية، وكتب عهده بذلك وقد تقدم ذكر هذا العهد وما اشتمل عليه فيما سلف من كتابنا هذا فى الجزء الثامن منه فى ترجمة القاضى علاء الدين بن عبد الظاهر وركب الملك المظفر فى يوم السبت السابع من ذى القعدة بشعار السلطنة وعليه خلعة الخليفة، وهى خلعة سوداء بطرحة وتقلّد سيفين على العادة، وسيّر فى الميدان الأسود [١] وخلع على الأمير سيف الدين سلّار وأقرّه على نيابة السلطنة وأقر سائر النواب بالممالك الشامية، ولم يغيّر منهم إلا الأمير ركن الدّين بيبرس العلائى النائب بغزة فإنه أعاده إلى الإمرة بدمشق وولّى نيابة غزة الأمير سيف الدين بلبان البدرى وذلك فى المحرم سنة تسع وسبعمائة.

ولما وصل كتاب الملك المظفر إلى دمشق صحبة من ذكرنا توقّف الأمير جمال آقش الأفرم نائب السلطنة بالشام عن الحلف إلا بعد أن يثبت على حاكم من حكام المسلمين أن السلطان الملك الناصر نزل عن السلطنة، وخلع نفسه، فأحضر كتاب السلطان الملك الناصر الذى قد كان وصل إليه وشهد جماعة من الموقعين أن الكتاب بخط القاضى علاء الدين بن الأثير كاتب السلطان وأن الخط الذى أعلاه خط السلطان الملك الناصر، فثبت ذلك لذلك وعمل بمقتضاه، وحلف الأمير جمال الدين نائب السلطنة بالشام ومن عنده من الأمراء وغيرهم، وكذلك سائر النواب بسائر الممالك وأقر الملك المظفر الصاحب [٢] ضياء الدين النّشائى على وزارته على عادته- وليس له من الأمر شئ وإنما الأمر لتاج الدين بن سعيد الدولة وزاده بسطة وتمكينا، وكان الملك المظفر لا يكتب على تقليد أو توقيع أو كتاب إلا بعد أن يكتب تاج الدين عليه


[١] الميدان الأسود: ويقال له ميدان العيد، والميدان الأخضر، وميدان السباق، وميدان الملك الظاهر بيبرس البند قدارى، ومكانه حاليا الأرض المشغولة بترب جبانة باب الوزير (هامش النجوم الزاهرة ٧: ١٦٥) .
[٢] مكان هذا اللفظ بياض فى ك. والمثبت من ص، وف.