للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإثنين رابع عشرين الشهر فركب السلطان وتلقاهما، وعاملهما بما عامل به الأمير جمال الدين الأفرم، ثم وصل الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى نائب السلطنة بحلب فى يوم الجمعة ثامن عشرين الشهر، فتلقاه السلطان كما تقدم، ووصل العسكر الحلبى فى بكره نهار السبت بأحسن زى وأفخر ملبوس وأكمل عدة، وقدم سائر النواب من الأموال والمماليك والخيول والأقمشة والتحف وغير ذلك ما يخرج عن الإحصاء، وظهر من حسن إخلاصهم ما لا يزيد عليه، وخطب للسلطان الملك الناصر على منابر دمشق فى يوم الجمعة ثامن عشرين شعبان، وأقيمت الجمعة بالميدان، وحمل إليه منبر وصناجق وخطب خطيب الجامع واستناب عنه، وصلى السلطان الجمعة بالميدان، والقضاة والنواب والأمراء وكذلك أيضا فى الآتية [١] فى خامس شهر رمضان وأعاد السلطان قاضى القضاة تقى الدين سليمان الحنبلى [٢] ، وكان قد عزل فى أيام المظفر- فأعاده السلطان فى يوم الإثنين رابع عشرين شعبان وخلع عليه فى يوم الأربعاء، وحكم فى يوم الخميس.

ولما تكامل وصول النواب والعساكر أمر السلطان بالنفقة فى سائر الجيوش، وابتدى بها فى يوم الإثنين مستهل شهر رمضان وجرّدت العساكر أولا فأولا، فجرد السلطان الأمير سيف الدين اسندمر والأمير سيف الدين تمر الساقى وأمرهما أن يتقدما إلى غزة بمن معهما، فتوجها، واستدعى السلطان الأمير سيف الدين كراى المنصورى- وكان بالقدس كما تقدم ذكر ذلك- فوصل إلى دمشق مسرعا بهمة عالية، ورغبة فى الخدمة ظاهرة، فرسم السلطان له ولمن معه من مماليكه بالنفقة، فامتنع من قبولها وسأله أن يؤذن له فى النفقة من ماله على جماعة من العسكر فشكر له ذلك، وخلع عليه وسأل أن يتقدم إلى غزة فأذن له بالتقدم بمن معه، وجمع طائفة من العرب ونفق فيهم من ماله ووصل إلى الخدمة السلطانية فى ثامن شهر رمضان من الديار المصرية أربعة من المماليك السلطانية، وأنهوا له الأحوال على جليتّها وأن جماعة من الأمراء المصريين


[١] أى فى الجمعة المقبلة.
[٢] هى تقى الدين سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر المقدسى الحنبلى المتوفى سنة ٧١٥ هـ (البداية والنهاية ١٤: ٧٥، والنجوم الزاهرة ٩: ٢٣١، والدرر الكامنة ٢: ١٤٦، وطبقات الحنابلة ٢: ٢٦٤، وشذرات الذهب ٦: ٣٥) .