للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستهل جمادى الأولى طلب أكابر دمشق وقرر عليهم استخدام ألف وخمسمائة فارس، وكانت العادة المقررة مائتى فارس، فاجتمع الأعيان لتقرير ذلك على الناس، فقرروا استخدام ثمانمائة فارس على نحو ثلاثمائة إنسان، وعجزوا.

فسألوا أن يقرروا على أهل الأسواق وخواص البلد، فأجيبوا إلى ذلك، وجلسوا فى خامس الشهر بالمدرسة القليجية لتقرير [١] ذلك، فغلّقت أسواق البلد يومين، وتعطّلت جهات الهلال بسبب ذلك، ثم فتحت الأسواق وحصل الشروع فى تسقيع الأملاك، والأوقاف، وتحقيق أمرها والمطالبة من نسبتها، فضج الناس لذلك، واجتمعوا بالقضاة والخطيب، وتواعدوا كلهم على الاجتماع بنائب السلطنة فلما كان فى يوم الإثنين ثالث عشر جمادى الأولى أخرج الخطيب جلال الدين القزوينى المصحف الكريم العثمانى ونعل [٢] النبى صلى الله عليه وسلم، وصحبه العلماء والفقهاء والقراء والمؤذنون وعامة الناس وحملت صناجق الجامع، وخرجوا بجملتهم من باب الفرج إلى سوق الخيل، وكان قد تقدمهم [٣] العميان واستغاثوا وشكوا أنه قرر على الأوقاف التى عليهم أجرة أربعة شهور.

فصرفهم الحاجب وقال قد أعفيتم من الطلب، ثم تلاهم الجذماء وشكوا مثل ذلك، فقيل لهم مثل ذلك، ثم جاء صبيان مكاتب السبيل الأيتام، وهم يرفعون أصواتهم بالتهليل، فبكى الأمراء ومن حضر الموكب من الناس. ثم جاء الجمع الكثير ونقدموا الخطيب إلى الموكب، وهم يستغيثون، فضربهم النقباء بأمر نائب السلطنة [٤] وسقط المصحف الكريم والنعل المكرم النبوى إلى الأرض، والصناجق، ثم رفعت وأعيدت إلى البلد، ورسم أن يتوجه الخطيب إلى القصر فتوجه. فلما حضر إلى نائب السلطنة لكمه بيده ثلاث لكمات، وسبّ قاضى القضاة نجم الدين كونه ما أنهى إليه هذه الصورة قبل وقوعها، ثم توجها إلى بيوتهما [٦٩] ، ومدّ السماط على العادة فما تقدم إليه أحد من الأمراء


[١] المدرسة القليجية: مدرسة بدمشق تنسب إلى الأمير سيف الدين على بن قلج النورى عمرها سنة ٦٤٥ هـ، وكانت قبلى الجامع الأموى، وشمالى الصدرية (الدارس فى تاريخ المدارس ١: ٥٦٩، ٥٧٠) .
[٢] كذا فى الأصول. وفى البداية والنهاية ١٤: ٦٢ «والأثر النبوى» .
[٣] فى ك «تقدم» والمثبت من ص، وف.
[٤] فى ك «السلطان» والمثبت من ص، وف.