وفى هذه السنة فوّض السلطان نيابة السلطنة بالمملكة الحلبية للأمير سيف الدين سودى الجمدار فى صفر، وتوجه إليها من الديار المصرية، ووصل إلى دمشق فى ثامن شهر ربيع الأول. وفوّض نيابة السلطنة بالمملكة الطرابلسية للأمير سيف الدين تمر الساقى، فوصل إلى دمشق فى ثامن عشرين شهر ربيع الأول بطلبه [١] وجماعته، ووصل إلى طرابلس فى العشر الأوسط من شهر ربيع الآخر. وكان سبب تأخره هذه المدة توجّهه إلى حمص للقبض على نائبها على ما نذكره.
وفيها: فى عاشر ربيع الأول أمر السلطان بالقبض على القاضى فخر الدين ناظر الجيوش، وكان قد تقدّم عنده وعظم شأنه، وارتفع محله وعلت كلمته، فحسد على ذلك، ونقل إلى السلطان عنه ما غيّر خاطره عليه، فأمر بالقبض عليه ومصادرته، فأخذ من أمواله- فيما قيل- أربعمائة ألف درهم، وفوّض نظر الجيوش للقاضى قطب الدين ابن شيخ السلامية ناظر جيش الشام نقله إلى الديار المصرية، فلم يقم مقام القاضى فخر الدين، ولا نهض بسد الوظيفة وتصحّفت عليه أسماء البلاد، ثم أفرج السلطان عن القاضى فخر الدين فى خامس عشر شهر ربيع الآخر، واستقر صاحب ديوان الجيوش مدّة، ثم شركه فى النظر، فصارا ناظرين بغير صاحب ديوان، ثم أعاده إلى النظر مستقلا به منفردا، وأعاد قطب الدين إلى الشام على عادته، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
وفيها [٧٦] فى عاشر شهر ربيع الأول فوّض قضاء القضاة على مذهب الإمام أحمد بن حنبل للقاضى تقى الدين أحمد بن قاضى القضاة عز الدين عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض المقدسى.
[١] الطلب: الفرقة من المماليك أو العسكر الخاصة بالأمير وتكون كالحرس الخاص له (النجوم الزاهرة ١٢: ١٨٦، ١٣: ٥٥) .