للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها صوته، وأشار بيده إلى جهة السلطان، فعند ذلك اشتد غضب السلطان، ورسم بقطع لسانه، وما تجاسر أحد أن يشفع فيه إلا [١] الأمير سيف الدين طوغاى، فإنه بالغ فى أمره حتى نزل وانفصل المجلس، ورسم عليه، ثم طلب مرّة ثانية قبل العصر من اليوم إلى مجلس السلطان، فكان المجلس فيما بلغنى أشد من الأول، حتى همّ السلطان بقتله فتقدم إليه الأمير سيف الدين طغاى أيضا [٨٤] وقال: والله لأقتل السلطان هذا أبدا ويكون الصديّق جدّه خصم السلطان عند الله يوم القيامة. فاستكان السلطان لمّا سمع هذا الكلام وأطلقه.

وهذا يدل على حلم السلطان وخيره، ولولا ذلك لما أبقاه لما خاطبه به. وكان القاضى كريم الدين وكيل الخاص الشريف أيضا قد اعتنى به عند السلطان موافقة للأمير سيف الدين طغاى، وخرج هو والشيخ من مجلس السلطان بعد العصر من اليوم المذكور، فشرع بعض الجماعة يقول للشيخ وهو إلى جانب القاضى كريم الدين: ما فعله القاضى كريم الدين فى أمره من الاعتناء به وتسكين حرج السلطان فقال: نعم هو كان من خيار الظلمة، وكريم الدين يسمع ذلك فما أجابه عنه بشىء، واجتمع تحت القلعة خلق كثير من العوام حتى امتلأت بهم تلك الجهة، وهم يظهرون الفرح بسلامة الشيخ نور الدين، فأشار كريم الدين ألا يتوجّه الشيخ إلى مصر بهذا الجمع خشية أن يشاهد السلطان ذلك فيخرج بسببه. فصرفهم وتوجّه من جهة أخرى، وانقطع بمنزله، ولم ينقطع الناس وبعض الأمراء عن التردد إليه وسلامته من هذه الواقعة دلّت على أن قيامه كان لله تعالى.

وفيها فى صفر أمر السلطان بالقبض على الأمير سيف الدين بلبان الشمسى أمير الحاج واعتقاله، لسوء اعتماده على الحجّاج وكان ساق سوقا مزعجا، ووصل إلى القاهرة بالمحمل قبل الوقت المعتاد بأيام فهلك كثير من المشاة بسبب ذلك فرسم السلطان أن يتوجه جماعة على الهجن بالماء والزاد بسبب من انقطع- والله أعلم.


[١] لفظ «إلا» سقط من ك، والمثبت من ص، وف.