للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العسكر بالأميرين سيف الدين طقصبا، وصارم الدين الجرمكى بعيذاب، وأقاموا بها اثنى عشر يوما، وكان متولى الأعمال قد استصحب معه فيّاضا أمير العرب الذى كانت الفتنة بسبب اعتقاله، ثم رحل الجيش من ثغر عيذاب، وساروا حتى انتهوا إلى سواكن [١] فى اثنى عشر يوما يسلكون رءوس الجبال والأوعار، وحصل لهم ضرر كثير بسبب المياه وقلّتها حتى كادوا يهلكون فى ماء منها [٢] يقال له دنكنام، فإن العربان كانوا قد غوّروا المياه أمام العسكر، فأقام الجيش أربعة أيام، ووصل إلى ذلك الماء فى اليوم الخامس، فوجدوا جفارا [٣] واحدا وهو متغيّر اللون والطعم والريح، فبينما هم كذلك إذ قدمت كشّافة العسكر وكانوا قد قدّموا من يستقرئ لهم خبر تلك الجبال علّهم [٤] يجدون ماء، فأخبروهم أنهم وجدوا مياه [٤] الأمطار بتلك الجبال فرحلوا من هناك وقت المغرب، وانتهوا إلى مياه قد اجتمعت من الأمطار، فأقاموا بها بقية تلك الليلة إلى نصف النهار من اليوم الثانى، وحملوا منها وارتحلوا حتى انتهوا إلى سواكن، فخرج إليهم متملكها بالطاعة والانقياد إلى أوامر السلطان، وقرّر على نفسه قطيعة يحملها إلى الأبواب السلطانية فى كل سنة، وهى من الرقيق ثمانون رأسا، ومن الجمال: ثلاثمائة رأس، ومن العاج: ثلاثون قنطارا، واستقر بسواكن نيابة عن السلطنة، وأقام العسكر بسواكن ستة أيام، واستصحب معه أولاد مهنّا، وكان فضل أحد مقدّمى العرّبان قد التحق بالعسكر فيما بين سواكن وعيذاب وصحبهم، وتوجّه الجيش خلف العربان ودخلوا البرية يتبعون آثارهم، فساروا سبعة عشر يوما، وفى أثناء مسيرهم ظفروا بطوائف من السودان بقرب المياه فى أودية هناك، فقتل العسكر منهم، وأسر وسبى وغنم من مواشيهم من الأبقار والأغنام ما ارتفق به الجند، وأنتهوا إلى وادى إيتريب [٥] فى اليوم السابع عشر، فأقاموا بها يومين، ولم يجدوا من سواكن إلى هذا الوادى غير ماء واحد، وكان شربهم من مياه الأمطار، وأمطرت البرّيّة فى غير الوقت المعتاد، لطفا من الله تعالى بعباده وإبقاء عليهم.


[١] سواكن: ميناء على البحر الأحمر تربطها بعطبرة حاليا سكة حديديه، كما تربطها ببربر وكسلا طرق تجارية، ولكن وجود بور سودان بالقرب منها قلل من شأنها (النجوم الزاهرة ٧: ١٣٩ هامش) .
[٢] فى ك «مأمنها» والمثبت من ص، وف.
[٣] الجفار: البئر.
[٤- ٤] ما بين الرقمين من ص، وف.
[٥] كذا فى ك، وف. وفى ص «أبيزيب» .