فى أبيات أخر. فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فجاء فزعا يجرّ رداءه، حتى انتهى اليه، ورفع شنّا كان في يده ليضربه؛ فلما عاينه الرجل قال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، والله لا أطعمها أبدا؛ ثم نزلت آية التحريم وهى قوله عزّوجلّ:(إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)
. وروى أن هذه الآية نزلت فى شأن حمزة بن عبد المطّلب، وكان نزولها وتحريم الخمر في شهر ربيع الأوّل سنة أربع من الهجرة.
وكان من خبر حمزة بن عبد المطّلب ما رواه مسلم بن الحجاج بن مسلم في صحيحه عن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه قال: أصبت شارفا «١» مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مغنم يوم بدر، وأعطانى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شارفا أخرى من الخمس. قال علىّ: فلما أردت أن أبتنى بفاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واعدت رجلا صوّاغا من بنى قينقاع «٢» يرتحل معى فنأتى بإذخر «٣» أردت أن أبيعه من الصوّاغين فأستعين به على وليمة عرسى. فبينا أنا أجمع لشارفىّ متاعا من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفاى مناختان الى جنب حجرة رجل من الأنصار ورجعت حين جمعت ما جمعت، فاذا شارفاى قد اجتبّت أسنمتهما وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما، فلم أملك نفسى حين رأيت ذلك المنظر منهما [أن «٤» ] قلت: من فعل هذا؟
قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار، غنّته قينة وأصحابه، فقالت في غنائها: