للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسائل [١] السلطان إليه وهو يظهر الطاعة ولا يوافق على الوصول إلى الأبواب السلطانية، ثم خشى عاقبة السلطان، وارتاب من كثرة إنعامه على العربان، فكاتب السلطان مرارا فى استرجاع ما أعطاه لأولاده وإخوته من الزيادات فى الإقطاعات واختصار كثرة الصلات وأن يجرى الأحوال على ما كانت عليه من العوائد والسلطان يأبى ذلك فظن أن الإنعام على هذه الطائفة إنما هو بسببه فلما كان فى شهر ربيع الأول رسم السلطان بتجريد العساكر إلى بلاد سيس فغلب على ظنه أنها تقصده ففارق البلاد ووصل إلى عانة [٢] فأمر السلطان بإيقاع الحوطة على إقطاعات العربان من يومه والاحتراز على متحصلاتها، فوض إمرة العرب للأمير شمس الدين محمد بن أبى بكر بن على بن حذيفه وجهز السلطان الأمير سيف الدين قجليس إلى الشام بنصف عدته وأمر أن يتوجه معه جيش من دمشق لإخراج العربان، فجرد الأمير سيف الدين كجكن فى جماعة من العسكر، ووصل الأمير سيف الدين قجليس إلى دمشق فى حادى عشر جمادى الأولى، فتوجه منها الجمعة ثانى عشر الشهر وصحبته جماعة من العسكر الشامى والأمير شمس الدين محمد بن أبى بكر، واجتمعوا هم والجيوش المجردة إلى بلاد سيس وساقوا خلف العرب حتى أخرجوهم من بلاد الشام، وكانت مدة غيبة الأمير سيف الدين عن دمشق أربعة أشهر، وعاد فى خامس شهر رمضان إلى دمشق، وكان تأخره هذه المدة بسبب ضبط ما يتحصل من أقطاع العربان النازحين.

وأما الجيش المجرد من دمشق إلى سيس فإنه عاد فى يوم السبت حادى عشر جمادى الآخرة ثم ورد الخبر إلى دمشق من الرحبة فى يوم الأحد ثانى شعبان إلى أن جماعة من عرب مهنا وصلوا إلى بلاد الرحبة لرعى زرعها، فجهز جماعة من الأمراء وقدم عليهم الأمير سيف الدين بهادر آص، وتوجهوا فى يوم الأثنين ثالث شعبان.


[١] فى ك «مسائل» والمثبت من ص، وف.
[٢] عانة: بلد مشهور بين الرقة وهى تعد من أعمال الجزيرة وهى مشرفة على الفرات قرب حديثة النورة، وبها قلعة حصينة وانظر معجم البلدان ٤: ٨١.