للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولهما: أن النويرى لم يكن فيما أورده من تاريخ هذه الفترة مؤرخا فحسب، بل كان شاهدا على عصره، وواحدا من رجال هذه الدولة، حيث قربه إليه الناصر محمد بن قلاوون، فكانت له عنده حظوة كبيرة، حتى وكلّه فى بعض أموره، وتقلب فى الوظائف الديوانية، فولى نظارة البيمارستان المنصورى [١] ، ونظارة الجيش فى طرابلس، ونظر الديوان فى إقليم الدقهلية والمرتاحية.. فأتاح له موقعه أن يشهد من الحوادث، ويعرف من الأخبار ما ضمنه كتابه فى تاريخ هذه الفترة.

وثانيهما: أن النويرى فى هذا الجزء- فى حوادث سنة خمس وعشرين وسبعمائة- استطرد بذكر تاريخ اليمن من الفتح الإسلامى إلى هذه السنة، وذكر أنه اقتبسه من كتاب: «بهجة الزمن فى تاريخ اليمن» لمؤلفه القاضى عبد الباقى بن عبد المجيد اليمانى، الذى قدم إلى الديار المصرية فى هذه السنة، وأطلع النويرى على كتابه هذا، فنقله مختصرا [٢] . وقد استغرق تاريخ اليمن من هذا الجزء أكثر من ثلثه [٣] .

وفى تحقيق هذا الجزء اعتمدنا على نسختين مصورتين عن أصليهما المحفوظين بالآستانة:

١- النسخة الأولى مكتوبة بقلم نسخى معتاد، ومسطرتها ٣٥ سطرا، وعدد صفحاتها ١٠٧ من قطع الربع، وفى صفحتها الأخيرة خاتم نقشه: «هذا ما أوقفه الوزير أبو العباس أحمد بن الوزير أبى عبد الله محمد، عرف بكوبريلى، أقال الله عثارهما» وهى محفوظة بدار الكتب تحت رقم ٥٤٩


[١] باشر النويرى هذه الوظيفة أربع سنوات: من شوال سنة ٧٠٣ إلى آخر رمضان سنة ٧٠٧ وانظر نهاية الأرب ٣١/١٠٨.
[٢] نشر كتاب «بهجة الزمن فى تاريخ اليمن» لابن عبد المجيد اليمانى بتحقيق عبد الله الحبشى، ومحمد أحمد السّنبانى سنة ١٩٨٨ (ط. دار الحكمة بصنعاء) وقد اطلعنا عليه فلاحظنا أن ما اختصره النويرى منه لا يعدو الأشعار التى كان يمدح بها بعض شعراء اليمن ملوكهم، وأكثرها نظم ركيك، أما الحوادث والأخبار فإنها تكاد تكون متطابقة مع رواية النويرى فى هذا الجزء.
[٣] يشغل هذا الكتاب من نسخة كوبريلى الصفحات من ٢١ إلى ٦١ ومن نسخة الآستانة الصفحات من ٧٤ إلى ١٩٩.