للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد شىء، حتى كبرت واتسعت، وأصلحت عمارتها، فلما كان فى سنة تسع وتسعين وستمائة عند دخول التتار إلى دمشق تمكن اليهود من إصلاحها؛ وعملوا بها منبرا، كل ذلك والمسلمون لا يعلمون؛ وذلك أنها بدرب الفواخير وغالب سكانه اليهود، وهى فى درب داخل درب جوار سور باب كيسان، والباب يومئذ مسدود، وبذلك تمكنوا من عمارتها وما شعر بهم المسلمون، ثم ظهرت فى ذلك الوقت، فهدمت.

وفى هذه السنة- فى الثامن من شهر ربيع الأول- توفى القاضى الخطيب مجد الدين أحمد بن القاضى معين الدين أبى بكر بن ظافر الهمدانى [١] المالكى الخطيب والمدرس بمدينة الفيوم، وكانت صورته كبيرة عند الأكابر، وولى قضاء القضاة بدمشق فى سنة عشر وسبعمائة، وخلع عليه، ولبس التشريف، ثم امتنع من ذلك واستعفى فأعفى، وكان رحمه الله تعالى رجلا كريما سمحا مشهورا بالمكارم، تزيد مكارمه على ريع أملاكه، وتأبى نفسه الاختصار، فاحتاج إلى أن استدان الأموال، واضطر إلى وفاء الدّين بالدّين، كل ذلك رغبة فى المكارم.

وكان رحمه الله تعالى جميل الصورة كامل الخلق، حسن الزى والملبس والمركب، جيد الشّعر، أرسل إلىّ مرة يلتمس أن يقف على مقدمة كتابى هذا الذى ألفته، فأرسلت إليه المجلدة الأولى، فوقف عليها وكتب إلىّ بيتين من نظمه وهما:

وتوفى القاضى تاج الدين أبو الهدى أحمد بن محيى الدين أبى الفضل محمد بن الشيخ كمال الدين على بن شجاع بن سالم القرشى الهاشمى

كتاب جلّ أن نحصيه وصفا ... حوى علما وآدابا وظرفا

رأينا منه عنوانا بديعا ... وعنوان المحاسن ليس يخفى


[١] فى ك: الهمدانى (بالدال) وكذلك فى: النجوم الزاهرة (٩/٢٥٤) وفى «أ» ص ٢٦ جاء رسمه بالذال.
ولم ترد ترجمته فى المنهل الصافى فيمن اسمه أحمد بن أبى بكر، وأورد ابن حجر ترجمته فى الدرر (١/١١١) فقال: أحمد بن أبى بكر بن ظافر مجد الدين بن معين الدين المالكى سبط الشيخ المجد الأخميمى و «لم يذكر فى نسبه همدان ولا همذان» .