للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السابعة، ولها باب من جهة البر وبقيتها فى البحر، فتقدم العسكر لمحاصرتها وأخذ النقّابون فى النقوب يوما وليلة، فانتقل من كان بها إلى قلعة هناك فى وسط البحر تسمى قلعة أطلس، وإلى أبراج ثلاثة، منها برج مثمّن وأشعلوا النيران بالليل فيها، وأحرقوا [١] ما تركوه بها من أعواد المجانيق والأمتعة وغير ذلك، فملكها المسلمون، وارتفع الصنجق السلطانى عليها، وشرع العسكر فى إخرابها فعلّقها النقابون، وأطلقت فيها النيران، فهدمت فى البحر وحصر الأرمن بالقلعة والأبرجة التى فى البحر، والوصول إليها متعذر لبعدها عن البر، فنصبت المجانيق السلطانية على القلعة الكبرى، ونصب الأرمن أيضا مجانيقهم على العسكر، وتراموا بها فاتفق الأمراء على أن العسكر يردم ما بين المدينة وبين القلعة والأبرجة من البحر، فتعذر عليهم لعمق البحر، وبعد المسافة، فنصبوا جسورا من الأخشاب والبتاتىّ، فانتهت إلى مقدار ثلثى المسافة إليها، هذا والمجانيق ترمى بأحجارها من كل من الطائفتين ووصل النقابون إلى البرج المثمّن، فسأل من به الأمان على أن يسلّموه فأجيبوا إلى ذلك، ثم نكثوا، ورجعوا عن التسليم، فوصل المسلمون إليه، وشرع النقابون فى تعليقه ثم يسر الله تعالى الفتح، فحصل الاستيلاء على ذلك برا وبحرا فى يوم الأحد والعشرين من شهر ربيع الآخر، ودخل العسكر إلى بلاد سيس، وأغاروا ووصلوا إلى قلعة كوارا، ثم عادت العساكر المنصورة إلى مستقرها من الممالك، ولما حصل هذا الحصار أمر الباب [٢]- وهو الحاكم على ملوك الفرنج- من تحت يده وطاعته منهم أن يتوجهوا إلى ثغر اللاذقية ويحاصروه لعلهم ينالون [٣] منه منالا، لاشتغال العساكر الإسلامية بثغر آياس، فعمّر الفرنج نحو تسعين شينيا وشحنوها بالرجال والمقاتلة، وقصدوا ثغر اللاذقية وبه يومئذ الأمير شرف الدين عيسى بن البرطاسى فاجتهد فى أمر الثغر، واحترز فأقامت تلك الشوانى أياما فى البحر قبالة ثغر اللاذقية، ثم عادت إلى أماكنها ولم يظفروا بشىء، وكفى الله تعالى شرهم وله الحمد والمنة؛ ولنذكر خلاف ذلك ما اتفق.


[١] فى الأصل: (وحرقوا) .
[٢] الباب: يريد «البابا» فهكذا كان مؤرخو هذه الفترة يكتبون اسمه، وانظر صبح الأعشى (٥/٤٠٨) .
[٣] بالأصل «ينالوا» والصواب ينالون.