للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمقياس مصر، وبسبب هذه الزيادة العظيمة فى سنتنا هذه شرق [١] إقليم الفيّوم، لأن سكر [٢] النهر انقطع، وخرج الماء بجملته إلى البحيرة، فغرق ما حولها، وشرق ما سوى ذلك، واجتهد السلطان بعد ذلك فى إصلاح السّكر، وندب لذلك الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب/ (٦٦) كان- وهو من أكابر أمراء المشورة الذين يجلسون فى مجلس السلطان، فأصلحه وأتقنه إتقانا جيدا، فتدارك الناس بسبب إصلاحه زراعة الصيفى خاصة بإقليم الفيوم.

وفيها- فى شهر ربيع الآخر- وصلت رسل الملك أزبك [٣] متملك صراى [٤] والبلاد الشمالية إلى الأبواب السلطانية، ومثلوا بين يدى السلطان، وأحضروا ما معهم من الهدايا فقبلت، وشملهم الإنعام، وأعيدوا إلى مرسلهم بالهدايا صحبة رسل السلطان إليه.

وفيها وصل إلى الديار المصرية الملك موسى [٥] متملك بلاد التّكرور [٦] لقصد الحج، وتوجه إلى الحجاز الشريف، ورجع إلى بلاده فى سنة خمس وعشرين، وكان قد أحضر صحبته جملة كثيرة من الذهب، فأنفقها بجملتها وفرّقها، وتعوّض ببعضها قماشا، واحتاج إلى أن استدان جملة من التجار وغيرهم قبل سفره.


[١] فى السلوك (٢/٢٥٨) وغرقت الفيوم لانقطاع جسرها «وعلق محققه بقوله: وفى إحدى النسخ شرقت» .
ومعنى شرقت الأرض: جفت من عدم الرى.
[٢] السكر- بكسر السين وسكون الكاف-: ما يسد به النهر ونحوه.
[٣] أزبك خان- ولقبه (القان) بن طغرلجا- (وفى الدرر ابن طقطاى) ابن منكوتمر بن طغاى بن باطو بن جنكيزخان ملك التتار بالمملكة الشمالية توفى سنة ٧٤٢ ومدة ملكه ثمان وعشرون سنة (السلوك ٢/٦١٤) والنجوم (٩/٢٢٦) .
[٤] صراى- بفتح الصاد والراء المهملتين- مدينة عظيمة تقع فى مستو من الأرض غربى بحر الخزر كانت قاعدة البلاد الشمالية من مملكة التتار (المصدر السابق) .
[٥] اسم هذا الملك- كما ورد فى البداية والنهاية ج ١٤/١١٢- الملك الأشرف موسى بن أبى بكر، وفى المقريزى (السلوك ٢/٢٥٥) منسا موسى ملك التكرور، وقد أورد خبر وصوله فى شىء من التفصيل.
[٦] بلاد التكرور مملكة واسعة تقع إلى الجنوب الغربى للسودان وكانت تضم أربعة عشر إقليما من بينها غانة والسنغال ومالى، وتكرور قاعدتها مدينة على النيل تقع بالقرب من ضفافه (وانظر صبح الأعشى ٥/٢٨٦، ٢٨٧، والنجوم الزاهرة ٩/١٧٣ حاشية ٣) .