للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حافتيها الأوزّ الصّفّر [١] ترمى بالماء من أفواهها، ويقابل المجلس شاذروان [٢] بعيد المدى ينصب ماؤه إلى البركة، ولما كمل أمر الملك المؤيد بمجتمع حضره الأمراء والوزراء والفقهاء والأعيان والعامة من أهل البلد، وجلس الملك فى الطبقة الثانية ينظر إلى الناس، وخلع على الأعيان وامتدحه الشعراء.

وعند الفراغ من هذا القصر أمر ببناء قصر ثان سمّاه المنتخب، وبستان/ (١٦٧) وفى السنة المذكورة توجه الملك المؤيد إلى زبيد فى رابع جمادى الأولى، فأقام بها نصف شهر، وتوجه إلى المهجم، فأقام به إلى تاسع عشر شهر رجب، وسار إلى جهة حجّة، ورجع منها فى تاسع عشر شعبان، ودخل المهجم فى الثالث والعشرين منه، وخرج منه وعيّد بزبيد.

وفى السادس عشر من شوال وصل الأمير تاج الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن حمزة إلى الملك المؤيد، ولم يطأ بساطه قبل ذلك، وهو من أعيان الأشراف ورؤسائهم، وله حصون منها كحلان والطويلة وعدة حصون غيرهما، فأكرمه المؤيد، وأنعم عليه، وتوجه به إلى صوب البحر [٣] ، وركب الملك المؤيد فيلا، وأردف الشريف تاج الدين خلفه، ودخل البحر فلجج الفيل بهما فى الماء، فبادر الفيال بأن ركب فيلة، ودخل البحر، واتبع الفيل وأسرع حتى أدركه، فلما شم الفيل رائحة الفيلة رجع إليها، ورجع الفيال بالفيلة أمامه، واتبعه الفيل إلى البر، وهذا دليل على خفة وطيش، وعدم ثبات وتغرير بالنفس، وكانت سقطة من الملك المؤيد، ثم عاد إلى زبيد، ثم إلى تعز، ودخلها فى السابع والعشرين من ذى القعدة والشريف تاج الدين معه، وفرّجه فى قصور ثعبات.

وفى سنة تسع وسبعمائة رسم الملك المؤيد للأمير عماد الدين إدريس أن يتوجه إلى صوب الشرفين [٤] لاستفتاحهما بعد أن استخدم له مذحج، وأصحبه جماعة من العسكر فتوجه وطلع من الطهرة/ (١٦٨) إلى الشرف الأعلى،


[١] الصفر: النحاس، وعبارة الخزرجى (١/٢٧٧) «.. وعلى حافاتها صفة طيور ووحوش من صفر أصفر ترمى الماء» .
[٢] الشاذروان: أساس يوثق حول القناطر ونحوها (الألفاظ الفارسية المعربة) وفى: (شفاء الغليل) ١٣٥ ما يترك من عرض الأساس فى الجدار خارجا» عربيته إزار.
[٣] أورد الخزرجى هذا الخبر فى شىء من التفصيل، وذكر أن هذه الحادثة كانت بالأهواب على ساحل زبيد (العقود ١/٣٨٢) .
[٤] الشرفان: جبلان دون زبيد باليمن (مراصد الاطلاع ٢/٧٩١) أحدهما يسمى الشرف الأسفل والآخر يسمى الشرف الأعلى.