للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأقام عليها عشرين ليلة، ثم افتتحها فى الثامن والعشرين من شعبان سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة برجال أدخلهم، وتحيّلوا على فتح الباب، ودخلوا البلد دخولا صعبا، نهبت فيه أكثر البيوت الخصوصية، وعاث الجحافل فى البلد، وقبضوا على ابن النقاش، ونهبوا داره، واستقر الثغر للأمير نجم الدين يوسف ابن على الصليحى، وهو رجل شهم من بيت الزعامة والرئاسة، واستقرت المملكة كلها بيد الظاهر ونوابه، ولم يبق مع الملك المجاهد غير حصن تعز، وهو يبذل لأهل صبر [١] فى كل شهر جملة من المال، خوفا منهم أن يقطعوا عنه الماء ويحاصروه.

وفى سنة أربع وعشرين وسبعمائة ثار الزعيم ابن الافتخار ببلاد المحالب، وتوجه إليه البحرية من قبل الظاهر، وكسروه كسرة شنيعة، وقتلوا من أصحابه جماعة.

وفى السنة المذكورة عقد الظاهر للأمير بهاء الدين بهادر الصقرى الألوية ورفعت إليه الطبلخاناة، ودخل زبيد دخولا لم يعهد مثله، وعامله الظاهر بأتم إحسان، وهو مع ذلك «يسرّ حسوا فى ارتغاء [٢] » وفى السنة المذكورة خالف أهل صبر على المجاهد، وقطعوا المياه عنه، وضعف حاله، وشعث أهل المغربة وعدنية بين أهل صبر والمجاهد/ (١٨٧) فجهز الظاهر الأمراء البحرية ومقدمهم الأمير نجم الدين محمد بن طرنطاى، ووافاه الأمير شجاع الدين عمر بن بلبان الدوادار العلمى من عدن، فحطوا على الحصن وحاصروه.

وكان غياث الدين بن بوز [٣] من خواص أصحاب المجاهد قد فوض إليه أمر أستاذ داريته، وأتابكية عسكره، فلما حوصر المجاهد استأذنه غياث الدين


[١] صبر- بفتح أوله وكسر ثانيه-: جبل شامخ عظيم مطل على قلعة تعز فيه عدة حصون وقرى، وبه قلعة تسمى صبر أيضا (مراصد الاطلاع ٢/٨٣٢) .
[٢] مثل يضرب فيمن يظهر طلب القليل وهو يسر أخذ الكثير، وانظر مجمع الأمثال ٢/٣١٢ ط. بولاق، ولسان العرب مادة: ر غ و.
[٣] هكذا فى ك، وفى أص ١٨٧ غير منقوط، وفى الخزرجى (٢/١٩) وكان الغياث بن نور مع السلطان فى الحصن» .