أنت الذى يسكر من غير وزن. فضحك الحسن وقال لمطيط: ادفع إليه ما بقى عندك من النفقة، فأعطاه مائة درهم وانصرف.
وقال الحسين بن الضحّاك: كنت مع أبى نواس بمكة عام حجّ، فسمع صبيّا يقرأ (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) .
فقال أبو نواس: فى مثل هذا يجىء للخمر صفة حسنة؛ ففكّر ساعة ثم أنشدنى:
وسيّارة ضلّت عن القصد بعد ما ... ترادفهم أفق من الليل مظلم
فأصغوا الى صوت ونحن عصابة ... وفينا فتى من سكره يترنم
فلاحت لهم منّا على النأى قهوة ... كأن سناها ضوء نار تضرّم
إذا ما حسوناها أقاموا مكانهم ... وإن مزجت حثّوا الركاب ويمموا
قال: فحدّث بهذا الحديث محمد بن الحسين فقال: لا ولا كرامة، ما سرقه من القرآن ولكن من قول الشاعر:
وليل بهيم كلّما قلت غوّرت ... كواكبه عادت لنا لتذيّل
به الركب إمّا أومض البرق يمّموا ... وإن لم يلح فالقوم بالسير جهّل
وقال أبو نواس فيها:
ألا دارها بالماء حتى تلينها ... فما تكرم الصهباء حتى تهينها
أغالى بها حتى اذا ما مللتها ... أهنت لإكرام النديم مصونها
وقال أيضا:
نبهته والليل ملتبس به ... وأزحت عنه حثاثة «١» فانزاحا
قال ابغنى المصباح، قلت له اتّئد ... حسبى وحسبك ضوءها مصباحا