للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخذه البحترىّ وزاد عليه في قوله:

وما زلت خلّا للندامى إذا انتشوا ... وراحوا بدورا يستحثّون أنجما

تكرّمت من قبل الكؤس عليهم ... فما اسطعن أن يحدثن فيك تكرّما

والزيادة أن عنترة ذكر أنه يستهلك ماله اذا سكر، والبحترى ذكر أن ممدوحه يتكرم قبل الكؤس فيبالغ حتى لا تستطيع الكؤس أن تزيده تكرّما.

وكان الأعشى ميمون بن قيس مشهورا بتعاطى الخمر مشغوفا بها كثير الذكر لها فى شعره. ومن اشتهاره بها قال المفضّل بين قدماء الشعراء: أشعرهم امرؤ القيس اذا ركب، والنابغة اذا رهب، وزهير اذا رغب، والأعشى اذا طرب. وقصد الأعشى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليسلم وامتدحه بقصيدته التى أوّلها:

ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وبتّ كما بات السليم مسهّدا

فاعترضه في طريقه من أراد منعه، فقالوا له: إنه يحرّم عليك الزنا والخمر.

فقال: أمّا الزنا فقد كبرت فلا حاجة لى فيه، وأمّا الخمر فلا أستطيع تركها. وعاد لينظر في أمره، وقيل: إنه قال: أعود فأشربها سنة وأرجع، فمات قبل الحول.

قالوا: ونظر الحسن بن وهب الى رجل يعبس في كأسه، فقال: ما أنصفتها، تضحك في وجهك وتعبس في وجهها. ومن ذلك قول الشريف الرضىّ:

كالخمر يعبس حاسيها على مقة ... والكأس تجلو عليه ثغر مبتسم

وهو مأخوذ من قول عبد الله بن المعتزّ حيث يقول:

ما أنصف النّدمان كأس مدامة ... ضحكت اليه فشمّها بتعبّس