للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يفرج عن المعتقلين بسبب ماله، وفارقته على ذلك بعد أن توثقت منه أن يفعل ففعل، وأفرج عنهم فى يوم السبت فى سابع عشر الشهر، فلما كان فى يوم الاثنين تاسع عشر الشهر ركب إلى الخدمة السلطانية على عادته، فلما انتهى إلى سوق الخيل قال له الحاجب: رسم السلطان ألا تتكلّف الطلوع إلى الخدمة حتى تستقل من الضعف، فعاد إلى داره، وجلس، ومدّ سماطه على عادته، وأكل هو مما أشار به الأطباء، ثم اشتد به المرض فى ليلة الثلاثاء، وتزايد فى يوم الثلاثاء فمات رحمه الله تعالى، وكان من أجود [١] الناس وأحسنهم لقاء لأصحابه ومعارفه، وتفقدا لأحوالهم، وسؤالا عنهم إذا حضروا إليه، وأكثرهم بذلا بجاهه، لا يبخل به على أحد ممن يقصده، سواء كان قديم الصحبة أو حديثها، لكنه يرعى لمن يقصده حق قصده، وإذا طالت غيبة أحد أصحابه عنه ثم جاء إليه لا يجد مودته قد تغيرت عليه عما يعهد، بل يسأله عن حاله، ويظهر له البشاشة والبشر، وكان شجاعا حسن الرأى، رحمه الله تعالى.

وكان هذا الأمير المذكور من جملة مماليك الأمير حسام الدين طرنطاى المنصورى- نائب السلطنة كان- أخبرنى عن نفسه أنه كان فى صغره فى جملة مماليك السلطان حسام الدين كنجيز [٢] ، وابن السلطان ركن الدين بلج أرسلان السّلجوقى صاحب الروم، فلما عبر السلطان الملك الظاهر إلى الروم، ودخل قيسارية [٣] كما ذكرنا فى سابع عشر ذى القعدة سنة خمس وسبعين وستمائة، وفارقها السلطان غياث الدين كيخسرو [٤] والبرواناه إلى توقات [٥]


[١] انفرد النويرى بوصف سيف الدين بكتمر هذا بالجود، والذى فى النجوم (٩/٢٧٨) أنه كان معروفا بالشح وجمع المال، وأن غالب أولاده، وذريته كانوا كذلك، وهى صفته أيضا فى السلوك (٢/٣١٥) وعبارته: وكان بكتمر من أغنياء الأمراء الكثيرين المال المعروفين بالشح. ونقل ابن تغرى بردى عن الصفدى فى تاريخه أنه: «كان عظيم الحرص على جمع المال إلى الغاية، وكان له الأملاك الكثيرة فى كل مدينة، وكان له قدور يطبخ فيها الحمص والفول وغير ذلك من الأوانى تكرى، وكان بخيلا جدا» النجوم (٩/٢٧٨) .
[٢] كذا فى الأصل ولم أجده ولعله تحريف جنكيز.
[٣] فى السلوك (٢/٣١٤) ورد رسمه هكذا «قيصرية الروم» والذى أورده النويرى فى رسمها يوافق مراصد الاطلاع ٣/١١٣٩، وذكر أنها مدينة كبيرة فى بلاد الروم كانت كرسى ملك سلجوق، وفى النجوم (٩/٢٧٧) ورد رسمها قيسرية.
[٤] الزيادة من السلوك (٢/٣١٤) والنجوم (٩/٢٧٧) .
[٥] توقات: الضبط من مراصد الاطلاع ١/٢٨١، وفيه: أنها بلدة بأرض الروم بين قونية وسيواس ذات قلعة حصينة تبعد عن سيواس مسيرة يومين (نحو ٦٠ كم) .