ذلك فقال أفعل فخرجت حتى دخلت مكة فسمعت حين دخلت مكة مثل ما سمعت تلك الليلة فسألت عنه فقالوا فلان نكح فلانة فجلست أنظر فضرب الله على أذنى فما أيقظنى إلا مسّ الشمس فخرجت إلى صاحبى فأخبرته الخبر ثم ما هممت بسوء حتى أكرمنى الله تعالى برسالته» . قال الحافظ أبو الفضل:
وكان هذا قبل النبوّة والرسالة ونزول الأحكام والفرق بين الحلال والحرام؛ فإن الشرع لمّا ورد أمره الله تعالى بالإبلاغ والإنذار فأقرّه على ما كان عليه في الجاهلية ولم يحرّمه كما حرّم غيره. قال: والدليل على أنه باق على الإباحة قول الله عز وجلّ:
. ثم بيّن الدليل على ذلك بما رواه بسنده إلى جابر قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يخطب قائما، ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما، يخطب خطبتين. فكانت الجوارى إذا أنكحوهنّ يمرّون فيضربون بالدفّ والمزامير فيتسلّل «١» الناس ويدعون رسول الله صلّى الله عليه وسلم قائما، فعاتبهم الله عز وجل بقوله:(وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً)
. وقال:
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في كتابه عن عبد الله بن حميد عن خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال. والله عز وجلّ عطف اللهو على التجارة وحكم المعطوف حكم ما عطف عليه، والإجماع على تحليل التجارة، فثبت أن هذا الحكم مما أقرّه الشرع على ما كان عليه في الجاهليّة لأنه غير محتمل أن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلم حرّمه، ثم يمرّ به على باب المسجد يوم الجمعة ثم يعاتب الله عز وجلّ من ترك رسوله صلى الله عليه وسلم قائما ثم خرج ينظر إليه ويستمع. ولم ينزل في تحريمه آية ولا سنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم سنّة، فعلمنا بذلك بقاءه على حاله.