للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس كل غناء بدلا عن الدّين مشترى به ومضلّا عن سبيل الله وهو المراد في الآية، ولو قرأ القرآن: ليضل به عن سبيل الله لكان حراما.

حكى عن بعض المنافقين: أنه كان يؤمّ الناس ولا يقرأ إلا سورة «عبس» لما فيها من العتاب مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فهمّ عمر بقتله [ورأى فعله حراما لما فيه من الإضلال «١» ] فالإضلال بالشعر والغناء أولى بالتحريم.

وقال الثعلبىّ في أحد أقواله عن تفسير هذه الآية عن الكلبىّ ومقاتل: نزلت فى النّضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار بن قصىّ؛ كان يتّجر فيخرج إلى فارس فيشترى أخبار الأعاجم فيرويها ويحدّث بها قريشا ويقول: إن محمدا يحدّثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدّثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن.

واحتجوا بقوله تعالى: (أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سامِدُونَ)

قال ابن عباس: هو الغناء بلغة حمير، يعنى- السمود- قال الغزالىّ رحمه الله: فنقول ينبغى أن يحرم الضحك وعدم البكاء أيضا، لأن الآية تشتمل عليه، فإن قيل: إن ذلك مخصوص بالضحك على المسلمين لإسلامهم فهذا أيضا مخصوص بأشعارهم وغنائهم في معرض الاستهزاء بالمسلمين كما قال تعالى:

(وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ)

وأراد به شعراء الكفّار ولم يدل ذلك على تحريم نظم الشعر في نفسه.

واحتجّوا بقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)

. قال الثعلبىّ:

قال الحسن، عن المعاصى. وقال ابن عباس: الحلف الكاذب. وقال مقاتل: