للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعلم أن السماع هو أوّل الأمر، ويثمر السماع حالة في القلب تسمّى الوجد ويثمر الوجد تحريك الأطراف، إما بحركة غير موزونة فتسمّى الاضطراب، وإمّا موزونة فتسمّى التصفيق والرقص. ثم بدأ بحكم السماع وبيّن الدليل على إباحته ثم ذكر ما تمسّك به القائلون بتحريمه وأجاب عن ذلك بما نذكره أو مختصره إن شاء الله تعالى.

قال رحمه الله تعالى: نقل أبو طالب المكّى إباحة السماع عن جماعة وقال:

سمع من الصحابة عبد الله بن جعفر، وابن الزّبير، والمغيرة بن شعبة، ومعاوية وغيرهم. وقد فعل ذلك كثير من السلف صحابىّ وتابعىّ. قال: ولم يزل الحجازيّون عندنا بمكة يسمعون السماع في أفضل أيام السنة وهى الأيام المعدودات التى أمر الله عز وجلّ عباده فيها بذكره كأيام التشريق. ولم يزل أهل المدينة ومكة مواظبين على السماع إلى زماننا هذا فأدركنا أبا مروان القاضى وله جوار يسمعن [النّاس «١» ] التلحين قد أعدّهنّ للصوفية. قال: وكان لعطاء جاريتان تلحّنان وكان إخوانه يستمعون إليهما. قال: وقيل لأبى الحسن بن سالم: كيف تنكر السماع وقد كان الجنيد وسرىّ السّقطىّ وذو النون يسمعون! فقال: كيف أنكر السماع وأجازه وسمعه من هو خير منّى. وقد كان عبد الله بن جعفر الطيّار يسمع. وإنما أنكر اللهو واللعب فى السماع.

وروى عن يحيى بن معاذ أنه قال: فقدنا ثلاثة أشياء فلا نراها ولا أراها تزداد إلا قلّة: حسن الوجه مع الصيانة، وحسن القول مع الديانة، وحسن الإخاء مع الوفاء.

قال الغزالىّ: ورأيت في بعض الكتب هذا بعينه محكيا عن المحاسبىّ وفيه ما يدلّ على تجويزه السماع مع زهده وتصاونه وجدّه في الدّين وتشميره.