وكان عبد الله حسن العلم بصناعة الموسيقي والكلام على النّغم وعللها؛ وله فى ذلك وفي غيره من الآداب كتب مشهورة ومراسلات جرت بينه وبين عبيد الله ابن عبد الله بن طاهر وبين بنى حمدون وغيرهم تدلّ على فضله وغزارة أدبه. وذكر منها شيئا ليس هذا موضع إيراده. ثم قال: ومن صنعة عبد الله بن المعتز في شعره:
هل ترجعنّ ليال قد مضين لنا ... والدار جامعة أزمان أزمانا
قال أبو الفرج: ومن صنعته الظريفة الشكل مع جودتها:
وابلائى من محضر ومغيب ... وحبيب منّى بعيد قريب
لم ترد ماء وجهه العين إلّا ... شرقت قبل ايّها برقيب
قال: ومن صنعته التى تظارف فيها وملح:
زاحم كمّى كمّه فالتويا ... وافق قلبى قلبه فاستويا
وطالما ذاقا الهوى فاكتويا ... يا قرّة العين ويا همّى ويا
وحكى عن جعفر بن قدّامة قال: كان لعبد الله بن المعتز غلام يحبّه، فغضب الغلام عليه، فجهد أن يترضّاه، فلم يكن له فيه حيلة. ودخلت عليه فأنشدنى فيه:
بأبى أنت قد تما ... ديت في الهجر والغضب
واصطبارى على صدو ... دك يوما من العجب
ليس لى إن فقدت وج ... هك في العيش من أرب
رحم الله من أعا ... ن على الصّلح واحتسب
قال: فمضيت إلى الغلام، فلم أزل أداريه وأرفق به حتى ترضّيته له وجئته به؛ فمرّ لنا يومئذ أطيب يوم وأحسنه.